دور الكنيسة في أزمة الكورونا
بقلم جورج عبده
ما هو دور الكنيسة في أزمة الكورونا؟ البعض يعتقد أن دوره كمؤمن يقتصر على الصلاة واستخدام الألكوجيل (المعقم)، ظانًا أن وظيفته هي مجرد التضرع لله لعله يرحمنا ويقضي على هذا الوبأ. أنا أرى بهذه النظرة تقزيم مشروع الله في الإنسانية، وضع سراج الكنيسة تحت المكيال ومفهوم ناقص للصلاة
الصلاة
أرجو أن لا تسيئوا فهمي. الصلاة مهمة جدًا وضرورية للغاية. أنا أؤمن بإله يسمع من السماء، يغفر ويبرئ. أومن أنه حي، وكما صنع المعجزات في الماضي قادر أن يصنعها اليوم أيضًا، بحسب مشيئته الصالحة. لكن الصلاة ليست كالوصفة السحرية التي تتناولها عندما تكون متعبًا، فهي لا تتمحور حول طلباتك الشخصية. الله ليس كالصراف الآلي الذي تدوس به على بعض الأزرار وتتوقع منه استجابة مباشرة ايجابية. الصلاة لها جوانب شخصية أعمق، فهي تبني الروح، تصلها بخالقها وتقربها منه. لن أتوسع هنا في كل هذه الجوانب لأن ما يشغلني هو تلك الأعمال التي سبق الله وأعدها للكنيسة لكي تتممها وتضئ للجميع من خلالها، وعندها يراها الناس ويمجّدون أبانا الذي في السموات.
الطب والعلم
ريتشارد داميان مخترع الجهاز الطبي MRI، مؤمن مسيحي. فرانسيس كولينز مدير معهد الصحة الوطني الأمريكي، الذي أحد أدواره هو البحوثات الطبية، مؤمن مسيحي. عالم البيولوجيا والكيمياء، لويس باستور، مخترع مبدأ التطعيم الطبّي مؤمن مسيحي أيضًا. فإذا كنت تمتلك – عزيزي القارئ – أي المواهب التي من الممكن أن تساهم في المجال العلمي والطبي، فأرجوك أن تبذل قصارى جهدك في محاربة هذا الوبأ علميًا، متأكدا أن لديك ماضيًا مشرفًا وجمهورًا شغوفًا.
الاحتياجات الاجتماعية
بين السنوات 249 و 262 م. ضرب الوباء القبرصي الإمبراطورية الرومانية وبعض المؤرخين يقولون إن الوضع تأزم إذ أخذ يفتك بحياة 5000 نفس يوميًا! ماذا كان موقف الكنيسة المضطهدة في تلك الفترة؟ نشكر الله أنه لدينا رسالة من أحد آباء الكنيسة، ديونيسيوس، وهذا ما جاء فيها: “أغلب الإخوة والأخوات بينوا محبة وإخلاصًا لا متناهي، إذ لم يشفقوا على أنفسهم وفكروا بأحدهم الآخر. بالرغم من الخطر، اهتموا بالمرضى واعتنوا بجميع احتياجاتهم، خدموهم بالمسيح وحتى في حياتهم بفرح. أفضل الإخوة انتقلوا إلى الأمجاد بسبب هذه الخدمة… وفخر هؤلاء كفخر الذي لم ينكر المسيح وأعدم مستشهدًا
يا لها من كنيسة، تطيع المسيح حرفيًا، وتبذل نفسها من أجل الآخر. آملاً أن لا يحتد وضع الوبأ في عصرنا إلى هذه الدرجة، لكن في كل الأحوال، على الكنيسة أن تكون مستعدة تشجيع تعليم ووعظ
على الكنيسة أن تشدد على تعليم كلمة الرب بأمانة في هذه الظروف الصعبة، فهي مصدر أساسي لبنائنا وتشجيعنا. على التعليم أن يكون حساسًا للوضع القائم ولا يعد شعب الكنيسة بوعود لن تتحقق وتوقعات خيالية، بل متعاطفًا مع المرضى والمتألمين والخائفين ويساعدهم على أن يعيشوا حياة مسيحية حقيقية وسط هذه الظروف الصعبة. لدى الدكتور ماهر صموئيل سلسلة عظات جميلة أنصح بسماعها، إذ يسعى بها على تشكيل عقل قادر على التعامل مع الألم
مجاوبة عن سبب الرجاء
في هذه الفترة الصعبة المليئة بالشرور تكثر من حولنا الأسئلة عن صلاح الله وقدرته على إيقاف وبأ الكورونا. مثلاً: إن كان فعلاً صالحًا ويريد خيرنا وكذلك قادرًا، فلماذا لا يوقفه؟ من سيجيب على هذه الأسئلة؟ بطرس الرسول يطلب من كل الكنيسة ذلك (1بط3: 15)، وليس فقط من أشخاص معينة. من الجدير بالذكر أن السياق الذي كُتبت فيه رسالة بطرس كان في فترة ألم واضطهاد على الكنيسة، ومع ذلك رجاء المؤمنين كان ظاهرًا أمام الجميع إلى حد أنه جذب انتباه الآخرين. فعلى رجاء الكنيسة اليوم أن يكون واقعيًا وظاهرًا للمجتمع وعلى أعضائها أن يكونوا مستعدين دائمًا للمجاوبة
هنالك احتياجات عديدة أخرى ومواهب أكثر داخل الكنيسة وهدفي ليس أن أغطيها كلها، بل أن أشجعك – عزيزي القارئ – على اكتشاف مواهبك واستثمارها في خدمة الآخر، خاصة في هذه الظروف الصعبة. جميعنا مخلوقون على صورة الله وهنالك خطة وهدف حقيقي مجيد من حياتنا على الأرض، دعونا نعمل باجتهاد. في الختام، لنصلِّ أيضًا لشعب الكنيسة كي يدرك إرساليته ومهمته ولكي يتممها بأمانة وامتياز