عاجل

العالم يعزل بريطانيا بعد سلالة كورونا الجديدة.. هل نعيش الورقة الأخيرة في كتاب العولمة؟الإثنين 21

حسام رضوان

خلال ذروة تفشي الموجة الأولى من فيروس كورونا توجهت الاتهامات بالطبع إلى الصين باعتبارها بلد المنشأ، لكن بعد تعافي الصين وارتفاع الإصابات بشكل جنوني في أوروبا والأمريكتين، بدأت الاتهامات تتوجه إلى العولمة، وها نحن أمام تكرار للوضع في موجة ثانية تشهد تحورا جديدا، أو سلالة جديدة من الفيروس.

سلالة جديدة من فيروس كورونا تجتاح لندن وجنوب إنجلترا. يعتقد العلماء أنه أكثر عدوى بكثير من السلالات الأخرى، ما أدى إلى قيود مشددة في المنطقة وحظر الرحلات الجوية داخل أوروبا من بريطانيا.

ومع ذلك، قال إنه “لا يوجد دليل يشير إلى أنه أكثر فتكًا أو يسبب مرضًا أكثر خطورة” أو أن اللقاحات ستكون أقل فعالية ضده.

سلالة جديدة.. والعالم يعزل بريطانيا

لكن حالة من الاستنفار بدأت على الفور في جميع أنحاء العالم تجاه بريطانيا من حظر الرحلات القادمة من بريطانيا، أو حظر الرحلات سواء ذهابًا او إيابا مع بريطانيا، أو غلق الحدود بالكامل، جوا وبحرًا وجوًا، وكانت بعض تلك القرارات تحمل صفة “مؤقتة” وبعضها لأجل غير مسمى.

بدأت الدول الأوروبية الأحد إغلاق حدودها أمام المسافرين من المملكة المتحدة، بعد يوم من أمر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بإغلاق شامل في لندن والمقاطعات المجاورة ، مشيرًا إلى مخاوف من نوع جديد سريع الانتشار لفيروس كورونا.

وامتلأت محطات القطارات في لندن ليلة السبت بحشود من الناس يتدافعون لمغادرة المدينة.

وقالت هولندا، التي تشعر بالقلق من التدفق المحتمل للمسافرين من بريطانيا، إنها ستعلق الرحلات الجوية من بريطانيا من الأحد حتى الأول من يناير، مشيرة إلى أن البديل الموجود في إنجلترا “يُعتقد أنه ينتشر بسهولة أكبر وبسرعة أكبر”.

كما علقت إيطاليا السفر الجوي ، معللة بواجب حماية الإيطاليين ، وفرض مسؤولون بلجيكيون يوم الأحد حظرا لمدة 24 ساعة على القادمين من المملكة المتحدة عن طريق الجو أو القطار ، يمكن تمديده.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن دولًا أخرى تدرس أيضًا حظرًا مماثلًا ، من بينها فرنسا وألمانيا والنمسا وأيرلندا.

وطلبت إسبانيا من الاتحاد الأوروبي استجابة منسقة لحظر الرحلات الجوية.

وأعلنت السلطات السويدية، اليوم الأحد، فرض قيود على الرحلات الجوية والبحرية مع بريطانيا اعتبارا من منتصف الليل.

كما قال وزير النقل الإيرلندي إيمون رايان، إن السلطات ستعلق رحلات الطيران مع بريطانيا، مضيفًا: “هذه الإجراءات تأتي بعد ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في بريطانيا.

وتابع أن “السفر العام بين إيرلندا وبريطانيا سيتم تقييده وسنراجع هذا الأمر صباح الثلاثاء”، لافتا إلى أنه تستثنى من هذا الإجراء حركة البضائع والعاملون الأساسيون في سلسلة التوريد.

وأعلنت تركيا وايران حظر الرحلات الجوية القادمة من بريطانيا بعد اكتشاف اول حالة اصابة بالسلالة الجديدة الاكثر عدوى لفيروس كورونا المستجد كوفيد 19 .

وظهرت سلالة جديدة معدية مماثلة من الفيروس في جنوب إفريقيا، والتي يبدو أنها تشترك في بعض الطفرات التي شوهدت في البديل البريطاني.

وأعلنت المملكة العربية السعودية تعليق جميع الرحلات الجوية الدولية للمسافرين مؤقتا، لمدة اسبوع وذلك بعد ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.

وكذلك، تعليق الدخول إلى المملكة العربية السعودية عبر المنافذ البرية والبحرية مؤقتًا لمدة أسبوع قابلة للتمديد أسبوعًا آخر.

بينما أعلنت السلطات المغربية إغلاق الرحلات الجوية مع بريطانيا ابتداء من اليوم الأحد، وإلى أجل غير مسمى.

كورونا والعولمة

قالت مجلة فوربس يوم 4 أبريل 2020: إن العولمة التي أصبحت أساس النظام العالمي القائم منذ عقود قليلة هي التي سمحت للصين بالتحول إلى عملاق اقتصادي تعتمد عليه قوى العالم الكبرى، فضلًا عن الدول العادية والصغيرة، في إمدادها بكل السلع الممكنة، بما في ذلك المواد الداخلة في صناعة الأدوية والعقاقير الطبية وحتى الكمامات.

ونقلت المجلة عن الأستاذ الزائر بجامعة ستانفورد كيفن وارش أنه على مستوى تحليل الاقتصاد الجزئي، فإن آثار انتشار فيروس كورونا كارثية سواء على الاقتصادات الكبرى أم النامية، أما على مستوى تحليل الاقتصاد الكلي فيمكن أن نلاحظ أن كارثة الوباء العالمية لم تضع حدًا لأزمات مثل الحرب التجارية الأمريكية الصينية، والتي هي بحد ذاتها إشارة إلى التمرد على العولمة ورغبة الدول في العودة إلى الانكفاء داخل حدودها، بل إن انتشار فيروس كورونا ربما يسرع وتيرة الأزمات من هذا النوع، معجلًا بنهاية العولمة.

لكن من بين الآثار التي سيخلفها فيروس كورونا أن العديد من الساسة ورجال الأعمال وقادة الرأي في أنحاء العالم يبدأون بإعادة النظر في العولمة وتقييم جدواها وفوائدها، ومن المؤكد أن عملية المراجعة الكبرى هذه ستفضي بالعديدين في الغرب إلى الحكم على العولمة باعتبارها الوسيلة التي هيمنت بها الصين على الاقتصاد العالمي، وإذا ما كان من الضروري مقاومة تلك الهيمنة الصينية فسيتعين على الغرب مقاومة العولمة ذاتها، وقد يوصي البعض منهم بإجراءات متطرفة مثل سحب الاستثمارات والمصانع الغربية من الصين.

ومن المستبعد أن يضع وباء كورونا حدًا نهائيًا للعولمة كنظام عالمي قائم وسائد، فالعلام لن يرتد أبدًا إلى عصر ما قبل العولمة، على أن الأزمة ستضفي بلا شك تغييرات كبيرة على ملامح المشهد العالمي.

وبعد استعراض ما قالته المجلة الامريكية، والذي لم يختلف كثيرا عما ذكرته مجلة “فورين بوليسي” بأن العولمة في حد ذاتها كانت في تراجع بالفعل قبل فترة طويلة من تفشي الفيروس، وصلت إلى ذروتها قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008، ومنذ ذلك الحين، لم تتعاف مرة أخرى، لكن من المؤكد أن جائحة فيروس كورونا تسلط الضوء على المخاطر الكامنة في الاعتماد المفرط على سلاسل التوريد العالمية ، وتحث على إعادة توطين الإنتاج، وتشدد على مفهوم الاعتماد المتبادل الدولي. والنتيجة المحتملة لذلك هي تسريع التغييرات التي كانت تسير منذ فترة طويلة نحو شكل جديد ومختلف ومحدود للعولمة.

واليوم ونحن نشاهد العالم وهو يعزل دولة بحجم بريطانيا، تعود “أزمة العولمة” مرة أخرى إلى الواجهة، وذلك على الرغم من أن السلالة الجديدة من الفيروس ليست أقوى من سابقتها شدة ولا تؤثر على اللقاحات، بل فقط أسرع من ناحية العدوى.

وبينما لا أحد يعرف هل سنشاهد يومًا نهاية لهذا الفيروس المراوغ والعنيد أم لا، فإننا إن لم نر نهاية العولمة  – المستبعدة- فإننا بالطبع نشاهد عدة نهايات مؤقتة ومتكررة وجزئية للعولمة.

صدى البلد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى