إن طبيعة المسيح البشرية هي بنفس أهمية طبيعته الإلهية. لقد ولد المسيح كإنسان وهو إله كامل في نفس الوقت. إن مفهوم تواجد الطبيعة البشرية للمسيح مع إلوهيته في نفس الوقت يصعب أن يستوعبه العقل البشري المحدود. ومع ذلك، فإن طبيعة المسيح – الإنسان الكامل والإله الكامل – هي حقيقة كتابية. هناك من يرفضون هذه الحقائق الكتابية ويعلنون أن المسيح كان إنسانًا وليس إلهًا (الآريوسية). أما الدوسيتية فهي النظرة القائلة بأن المسيح كان هو الله، ولكن ليس إنسانًا. وكلتا النظرتين خاطئتان وغير كتابيتين.
كان لزامًا أن يولد المسيح كإنسان لعدة أسباب. أحدها نجده في غلاطية 4: 4-5 “ولكن لما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبني”. الإنسان فقط هو الذي يمكن أن “يولد تحت الناموس”. فليس أي كائن ملائكي أو حيواني “تحت الناموس”. البشر فقط هم من يولدون تحت الناموس، والإنسان فقط هو من يستطيع فداء الآخرين المولودين تحت نفس الناموس. إن كل البشر، المولودين تحت ناموس الله، مذنبون بالتعدي على الناموس. فقط إنسان كامل – يسوع المسيح – يستطيع أن يحفظ الناموس ويتممه بالكمال، وبذلك يفدينا من ذلك الذنب. لقد أتم المسيح فداءنا على الصليب، واستبدل خطايانا ببره الكامل (كورنثوس الثانية 5: 21).
سبب آخر لضرورة كون المسيح إنسانًا كاملاً هو أن الله وضع ضرورة سفك الدم من أجل مغفرة الخطايا (لاويين 17: 11؛ عبرانيين 9: 22). كان دم الحيوانات، وإن كان مقبولاً بشكل مؤقت كرمز نبوي لدم الإله المتجسد، غير كافٍ لغفران الخطايا الأبدي لأنه “لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا” (عبرانيين 10: 4). إن المسيح يسوع، حمل الله الذي بلا عيب، ضحى بحياته البشرية وسفك دمه البشري لكي يغطي خطايا كل من يؤمنون به. ولو لم تكن له طبيعة بشرية كان هذا سيكون مستحيلاً.
وفوق هذا، فإن طبيعة المسيح البشرية تسمح له أن يفهمنا بطريقة لا يستطيعها الملائكة أو الحيوانات “لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا، بل مجرب في كل شيء مثلنا، بلا خطية” (عبرانيين 4: 15). الإنسان فقط هو من يستطيع أن يشعر بضعفاتنا وتجاربنا. وقد تعرض المسيح في طبيعته البشرية لكل أنواع التجارب مثلنا، ولهذا يستطيع أن يرثي لنا ويساعدنا. لقد تعرض للتجربة والاضطهاد والفقر والاحتقار والألم الجسدي وآلام الموت البطيء القاسي. إن الإنسان فقط هو من يستطيع أن يختبر هذه الأشياء، والإنسان فقط هو من يستطيع أن يفهمها تمامًا نتيجة خبرته.
أخيرًا، كان من الضروري أن يأتي المسيح بالجسد لأن الإيمان بهذه الحقيقة هو شرط الخلاص. إن الإعلان أن المسيح جاء في الجسد هو علامة الروح الإلهي، في حين أن ضد المسيح وكل من يتبعونه ينكرون هذا (يوحنا الأولى 4: 2-3). لقد جاء المسيح بالجسد؛ وهو قادر أن يرثي لضعفاتنا البشرية؛ لقد سفك دمه البشري من أجل خطايانا، وكان إلهًا كاملاً وإنسانًا كاملاً. وهذه حقائق كتابية لا يمكن إنكارها.