جريدة الطريق

اجتماع المجلس الأعلى للأرواح الشريرة في ذكرى ميلاد المسيح

د. ناجي يوسف
دخل الرئيس الأعلى لمجلس الأرواح الشريرة إلى قاعة الاجتماعات الكبرى بالكرسي الشيطاني في الهواء يتبعه رؤساء بعض الفروع الشيطانية والذين منهم روح التدين، وروح الغي، وروح ضد المسيح، وروح الخوف، وروح الضلال. دخل إلى قاعة الاجتماعات حزينًا هائجًا والنيران تخرج من عينيه وفمه، دخل يتبعه رؤساء الأقسام الشيطانية، ورفع الشيطان يده اليمنى وافتتح الرئيس الجلسة بالقول: “باسمي أنا الشيطان الأعظم، رئيس سلطان الهواء، الحية القديمة، إبليس، أفتتح هذه الجلسة.”
جلس فجلسوا جميعًا من بعده، قال والغضب يملأ عينيه: “مرة أخرى جاءت علينا ذكرى مولد عدونا الأعظم المسيح، وكم أكره أنا وبالطبع أنتم احتفال الناس على الأرض بهذه الذكرى، فهذه الاحتفالات تذكِّرني كل عام باليوم المشئوم الذي حوله عدونا إلوهيم من يوم فرح وانتصار وانتقام لنا منه ومن خليقته، آدم وحواء، إلى يوم حزن واكتئاب وفشل وانتقام منا نحن الأرواح الشيطانية بمملكتنا العظيمة. أكمل الشيطان الرئيس حديثه وقال: لا زلتُ أتذكر فرحتي بسقوط آدم وحواء في الشك والحيرة وتصديقي أنا وتكذيب عدونا، وفرحتي بنجاحي في جعلهما ينضمان إلى معسكرنا ويعصيان أمره ويأكلا من الشجرة المحرمة. والحقيقة أنني لم أكن أتوقع ما حدث في الجنة يومها، فقد كنتُ أظن أن الأمر سينتهي مع آدم وحواء بأن يحصدا نتيجة عصيانهما لعدونا بطردهما من الجنة وانقطاع صلتهما بالله عدونا، وأنهما سيعلمان أولادهما من بعدهما أن ينضموا إلى معسكرنا ضد معسكر عدونا، وفي النهاية سينتهي بهم المقام جميعهم، هم وأولادهم وذريتهم، في جهنم النار التي أعدها عدونا لنا، وبهذا أكون قد انتصرتُ عليه، ورددتُ تدبيراته وخططه ضده وعلى رأسه، وأفسدتُ خليقته، وأفسدتُ عليه بالكامل مشروع خلق الإنسان ليستمتع الإنسان بالجنة وبخالقه إلوهيم إلى الأبد، وفي الوقت نفسه أكون قد أفسدتُ على إلوهيم خطته بأن يستمتع بخليقته إلى الأبد. لكن فرحتي لم تدم، وخطتي لم تنجح في هذه المرة، وعلمتُ ذلك يقينًا عندما ظهر عدونا إلوهيم في الجنة كعادته، ونادى على آدم قائلًا: “آدم أين أنت؟ هل أكلت من الشجرة التي قلتُ لك لا تأكل منها؟” أكمل الرئيس الشيطان الأعظم سرده لقصته الحزينة وقال: “تدخلتُ أنا بسرعة وقلت لآدم: ‹انتبه، أنت لا يمكنك أن تكذب على إلوهيم فهو العليم بكل شيء، وهو يعرف أنك أكلت من الشجرة، لكن أيضًا لا تعترف بخطئك لأنه سيعاقبك على فعلتك هذه إن اعترفت بها، وهو شديد العقاب، لذا الق اللوم عليه هو وعلى المرأة حواء، فهو السبب في أكلك من الشجرة، أليس هو الذي أعطاك وجعل معك هذه المرأة التي أغوتك وجعلتك تأكل من الشجرة المحرمة؟ لذا قل لإلوهيم: “الْمَرْاةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَاكَلْتُ” وعندها ستبرر نفسك وربما يشعر إلوهيم بخطئه في خلق هذه المرأة ويتخلص منها ويخلق لك واحدة أخرى أفضل منها.” علا صوته وأصوات مَن معه من رؤساء الأقسام الشيطانية بالضحك الكثير، أكمل الشيطان الرئيس، وقد أطاعني آدم وأجاب إلوهيم بالتمام كما أمرته، لكني فوجئتُ بإلوهيم يسأل حواء أيضًا ويقول لها: ‹مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟› فتدخلتُ مرة أخرى في الحديث بين إلوهيم وحواء خوفًا من أن تعترف بخطأ فعلتها فيغفر لها إلوهيم خطأها ولا يعاقبها. تدخلتُ أنا سريعًا وقلتُ لها: ‹حواء، لا تعترفي بخطئك، الق اللوم عليّ أنا، ألستُ أنا الذي زينتُ لكِ وجعلتك تشتهي الأكل من الثمرة التي حرم عليكما إلوهيم الأكل منها في الجنة؟ قولي له: “الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَاكَلْتُ” واتركي باقي الأمر علي، وقد نجحتُ أيضًا في أن أجعل حواء لا تعترف بخطيئتها.”
كان رؤساء الأقسام الشيطانية يستمعون لهذه القصة الحزينة المشئومة بالنسبة لهم في كل اجتماع يُعقد مع الشيطان الرئيس بمناسبة ذكرى عيد الميلاد أوعيد القيامة وأيضًا عيد حلول الروح القدس وسكناه في البشر المؤمنين بالمسيح ربًا وسيدًا وملكًا على حياتهم.
سأل روح الكذب الشيطان الرئيس: “سيدي، لماذا أخذت الذنب على نفسك وأقنعت آدم وحواء أن يبرئ كل منها نفسه ويلقيا اللوم عليك بأنك أنت الذي أغويتهما ليعصيا إلوهيم ويأكلا من الشجرة المحرمة؟”
قال الرئيس: “لأكثر من سبب:
السبب الأول هو لأنني لم أكن أتوقع أن إلوهيم سوف يعاقبنا جميعًا على هذا الأمر، آدم وحواء ونسلهما وأنا وأنتم، شديد العقاب وسيجعل كل منا يدفع ثمن فعلته واشتراكه في سقوط الجنس البشري.
السبب الثاني هو أنني أعرف وعلى يقين بأن عدونا يعلم كل شيء بالتفصيل ويعرف ماذا حدث مني ومن آدم وحواء، فهو العليم بما في الصدور والقلوب، لذا كنتُ أريده أن يعرف أن خليقته تكذب عليه، وتخادعه بتبرير نفسيهما لديه، وهكذا سيفعل خليقتهما من بعدهما إلى أبد الآبدين لأنهم جميعا قد أصبحوا في معسكرنا الآن.
السبب الثالث هو أنني كنتُ أريد أن أُظهِر لآدم وحواء ونسلهما أنني أنا أيضًا رئيس سلطان الهواء، والمتسلط، ولو جزئيًا في مملكة الناس، على الأقل متسلط بالمقدار الذي يسمح به عدونا إلوهيم لي لأنه هو وحده المتسلط المطلق في مملكة الناس، وأن لي سلطانًا أن أضل الناس وأوقعهم في عصيان إلوهيم وبالتالي أضمن أنهما ونسلهما سوف يخافونني ويطيعونني في كل ما آمرهم به.
السبب الرابع هو أنني أعلم أنني، بل وإننا جميعنا كأرواح في مملكتنا العظيمة، معاقبين منه، وفي كل الأحوال، فنحن منتظرون العقاب الأبدي الذي أكره أن أتكلم عنه، فقلتُ لنفسي: “بما أنني معاقب على كل حال، إذًا لن يضرني مزيد من العقاب، كما لن يضر الشاة سلخها بعد ذبحها.”
السبب الخامس هو أنني كنتُ أريد أن اثبت لآدم وحواء أنني شخص مخلص سأقف في صفهما وأدافع عنهما عندما يطيعاني وينفذان أوامري وأنني على استعداد أن أتحمل الذنب عنهما ولن أتركهما يعاقبا وحدهما.
السبب السادس هو أن أعلِّمهما وأولادهما ألا يعترفا بأخطائهم أبدًا مهما كانت الأسباب والظروف لأننا نعلم جميعًا أن قانون إلوهيم هو: “إن اعترفنا خطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم”، وحتى يتعلم أبناؤهما ألا يعترفوا بخطاياهم فتظل خطاياهم ممسكة عليهم وفي النهاية يذهبون معنا إلى جهنم النار ونكون نحن من الرابحين.
السبب السابع هو أنني لم أكن أتوقع أو أتخيل أن سقوط الإنسان سيجعل عدونا إلوهيم يرسل المسيح ليفدي البشر ويرجعهم لا إلى جنة عدن الأرضية التي طردهم منها بل إلى ذات سمائه ليكونوا معه إلى أبد الآبدين، في السماء، ذات المكان الذي طردنا نحن منه عندما أخطأنا، فلقد كنتُ أظن أنه سيعاملهم بالمثل كما عاملنا، وسيطردهم من محضره في السماء كما طردنا نحن الشياطين من محضره وسيحكم عليهم وسيجعلهم في النهاية يذهبون معنا إلى جهنم النار كما حكم علينا وكما هو منتظرنا في نهاية الأيام.”
تدخل روح الغي في الحديث بين الرئيس الأعظم، الشيطان، وبين روح الكذب وقال: “سيدي الرئيس، كما علَّمتنا فيجب ألا نبكي على اللبن المسكوب ونركز اليوم على ما نحن بصدده من احتفال البشر بعيد ميلاد عدونا المسيح.”
قال الرئيس: “معك حق، وهذا السبب الذي جمعتكم لأجله لنراجع معًا خططنا التي أعدها كل منكم للعمل في ذكرى الاحتفال بعيد الميلاد.” أكمل الرئيس كلامه قائلًا لروح التدين: “يمكنك أنت أن تبدأ بإعطائنا فكرة عما أعددته لهذا الوقت.”
قال روح التدين: “أشكرك سيادة الرئيس على إعطائي الفرصة للكلام، أما ما أعددته أنا للمسيحيين والبعض من المسلمين يتلخص في أن نحول ذكرى ميلاد المسيح عدونا إلى عيد عالمي ينتظره الكبار والصغار، المسيحيون والمسلمون، في كل العالم، حتى في أكثر الدول الإسلامية والشيوعية انغلاقًا ضد المسيح والمسيحيين والمسيحية، ونحثهم على الاستعداد له بأن يعلقوا الزينات والأضواء على بيوتهم وفي شوارعهم للتعبير عن سعادتهم بقرب عيد الميلاد، وهذا بالطبع في البلاد التي لديها القليل من الحرية الاجتماعية، وفي البلاد حتى الإسلامية وخاصةً تلك التي تحاول أن تجذب السائحين إليها أو أن تعطي العالم كله الانطباع بأنها بلاد متقدمة متطورة مسامحة تمنح الحرية للمسيحيين في أن يفرحوا ويحتفلوا بالعيد، وحصرنا الاحتفال بعيد الميلاد في الأكل والشرب والهدايا والأضواء ليس إلا.
سأل الشيطان الرئيس: “وماذا عن الكنائس والمؤمنين بالمسيح؟”
قال روح التدين: “الحقيقة لا فرق لدينا بين المسيحيين المؤمنين المكرسين لخدمة المسيح وبين المسيحيين بالاسم فقط أو غير المسيحيين بالمرة، فمهمتنا الأساسية أن نحتم على الجميع الاحتفال بيوم الكريسماس لكن بشرط ألا يفكروا في ما يعنيه يوم الكريسماس، وأملينا أوامرنا على بعض الخدام باستخدام بعض الجمل الجوفاء والمكررة والتي لا تهم السامعين في شيء، كجملة “نحن نحتفل بميلاد سيد كل الأرض”، “المسيح قسم الزمن والتاريخ إلى قسمين: ما قبل الميلاد وما بعد الميلاد”، ولعبنا على عواطف السامعين فصورنا أهل بيت لحم القدامى على أنهم مجرمون لأنه لا أحد منهم فتح بيته لمريم أم عدونا لتلد فيه، وجعلنا السامعين يقولون: ‹لو كنا نعيش يومها لكنا استضفناه في بيوتنا ولم ندع أمه تلده في مزود›، وأبعدنا عن أنظارهم وعقولهم وتفكيرهم أنه لا أحد في الأرض كلها كان يعلم أن هذا المولود طفلًا هو عدونا المسيح، ولم نجعل احدهم يفكر في أنه يمكنه، إن أراد، استضافة المسيح عدونا في بيته حتى اليوم، وذلك بأن أنسيناهم أنه قال للناس إن مَنْ يطعم أو يسقى كأس ماء أو يزور مسجونًا أو مريضًا باسمه ممن اسماهم هو إخوته الأصاغر فقد عمل به هو ذلك. وحرصنا كل الحرص على أن لا يتذكروا قوله ”هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي“…
سأل الشيطان الرئيس روح الضلال وقال له: “وكيف استعديتم أنتم يا روح الضلال لإفساد ذكرى ميلاد المسيح؟” أجاب روح الضلال: “حيث إن سيادتكم تعلمون المبدأ المسيحي المشهور والقول الذي قاله عدونا للشعب في القديم: ‹تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله› لذا أعمينا عيون غير المؤمنين والغالبية العظمى من المؤمنين بعدونا حتى لا يدققوا أو يتكلموا، حتى في ذكرى ميلاده، عن الغرض الأساسي الذي جاء لأجله عدونا المسيح إلى الأرض. وهذا الغرض الأساسي لمجيئه كما تعلمون جميعًا هو لتأسيس مملكته على الأرض والتي من المفترض أن يحيا بها أتباعه المؤمنون المُخَلَّصون المولودون منه بالإيمان به، يعيشون وهم على الأرض في سعادة وصحة نفسية وعائلية وإيمانية وعقائدية سليمة ومثمرة إن هم انتبهوا وعرفوا مفاتيحها وقوانينها وامتيازاتها ومسئولياتها، الأمر الذي احتفظنا به سرًا بعيدًا عنهم ومنعنا الغالبية العظمى من الخدام من اكتشافه والتحدث عنه.”
سأل الشيطان الرئيس: “وماذا أعددتم للمسلمين بمناسبة ذكرى ميلاد المسيح عدونا؟”
قال روح الضلال: “استطعنا أن نقنع العديد من الدول الخليجية أن تدعم ماليًا وتعد الكثير والكثير من الشباب المسلم وتجهزهم لمهاجمة المسيحيين الذين يؤمنون ويتجرأون على ذكر حقيقة أن عدونا المسيح هو الله الظاهر في جسد إنسان. جهزناهم بأسئلة منطقية محيرة ومعوقة لجميع الناس في قبول فكرة تجسد إلوهيم في شخص المسيح.”
قال الشيطان الرئيس: “اذكر لنا بعض هذه الأسئلة التي درستموها وأقنعتم بها الشباب قليل الخبرة والأيام من المسيحيين والمسلمين.”
أجاب روح الضلال: “نحن نبدأ بأن نعمي أذهانهم، وهذه الحقيقة أعلنها مَنْ يسمونه هم الروح القدس، روح عدونا، في إنجيلهم في قوله إذ وصف غير المؤمنين بالقول: ‹الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.› ثم نجعلهم يختلفون على طبيعة المسيح ويسألون بعضهم البعض: هل المسيح هو الله المتجسد أم ما هو إلا بشر مثله مثل آدم؟ ويسألون المسيحيين الذين يؤمنون بأن المسيح هو الله الظاهر في الجسد، يسألونهم: كيف يمكن أن يكون المسيح هو الله وهو يمشي على الأرض بجسد ويراه ويلمسه الناس المحيطون به؟ وكيف يكون المسيح هو الله ويجوع ويعطش ويحزن ويدخل دورة المياه؟ وكيف يكون الله ويأخذه إبليس ويجربه على الجبل؟ وكيف يكون هو الله وابن الله في الوقت نفسه؟ وهل يمكن أن يكون لله ولد، خاصةً وأننا أنزلنا في القرآن أنه أني أن يكون لله ولد وهو الذي يقول للشيء كن فيكون؟ وغيرها العديد من الأسئلة التي يصعب على أي شخص يمشي بقدميه على الأرض أن يجيب عليها بسهولة إن لم يكن الروح القدس يحيا فيه بعد أن يولد ثانيةً من عدونا إلوهيم ويعيش المسيح داخله، فنحن نركز على أسئلة جسدية منطقية ملموسة ونطلب إجابات جسدية منطقية تتماشى مع عقل الإنسان وتفكيره الجسدي المنطقي الملموس، وهذا مستحيل الحدوث، وبالطبع نعمي أعين وأذهان الجميع عن الحقائق التالية:
1- أن الله فعال لما يريد، فلو أراد ربك أن يتجسد ويتخذ جسد إنسان فمن يستطيع أن يمنعه عما يريد؟ الإجابة بكل تأكيد: لا أحد.
2- أن الله ليس واحدًا أحدًا صمدًا كما أنزلنا في القرآن، لكنه هو الذي أعلن عن نفسه في أول أعداد كتاب العهد القديم أن اسمه يهوه أو إلوهيم، بصيغة الجمع، أي الكائن بذاته الناطق بكلمته الحي بروحه، وهؤلاء الثلاثة هم إله واحد لا شريك له، وأخفينا عن الناس أنه إله واحد وأقنعناهم أن المسيحيين يعبدون ثلاثة آلهة، وبالتالي فهم الكفار المشركون بالله الضالون.
٣- وأخفينا عنهم أيضًا بإرادتهم أن تسمية المسيح عدونا “ابن الله” لا تعني أنه ابنه بالتناسل كما يعرفه البشر، وأخفينا عليهم أن الروح القدس هو الذي دعاه بابن الله، وهو أيضًا قال عن نفسه في الإنجيل أنه ابن الله، وجعلنا المسلم يتساءل أين قال المسيح عن نفسه في الإنجيل أنه الله أو ابن الله، السؤال الذي غالبًا ما لا يعرف المسيحيون إجابته بالرغم من أنه بين أيديهم في إنجيلهم، وقد نجحنا نجاحًا كبيرًا في تشويش أذهان الناس عامة وخلطهم للتعبيرات التوراتية والإنجيلية مع التعبيرات الدارجة في كل اللغات والتي لا يفهمها العامة، كتعبير بن الإنسان، وابن الله، والله الظاهر في الجسد وغيرها.
4- أخفينا عن أذهان مَنْ لا يفهمون طبيعة المسيح اللاهوتية كالله، والتي حلت في جسد إنسان اتخذه من أمه مريم، أخفينا عنهم أنه بما أنه اتخذ جسد إنسان كامل مولودًا من امرأة ليحل فيه كل ملء اللاهوت جسديًا إذا فلا بد لجسد الإنسان هذا أن يجوع ويأكل ويشرب وطبيعي جدًا أن يدخل إلى دورة المياه ويتعب من السير الكثير وغيرها من مظاهر عمل الجسد الإنساني، وأن هذا كله لا يُنقِص من كون المسيح الله المتجسد لأن لا شيء ينقص من طبيعته ولا شيء يزيد عليها.
5- نفخنا وعظمنا ما كُتب في القرآن عن المسيح عيسى بن مريم وجعلنا المسلمين يرون أن أوصاف المسيح التي ذُكرت في القرآن تفوق أوصافه في الإنجيل في عظمتها وفي تكريمها له، حتى دأب المسلمون على القول: ‹إننا نحب سيدنا عيسى أكثر منكم أيها المسيحيون›، نحن نقول إن الله سبحانه وتعالى رفعه إلى السماء حيًا وأنتم تجعلونه يُضرب ويُهان ويُبصق عليه وفي النهاية تعلقونه عاريًا على الصليب، فيكاد يفقد المسلم عقله عند سماعه ما يقوله المسيحيون عن إلههم الضعيف المهان، ومع أننا لم نستطع أن نجعل قرآنهم لا يذكر أن المسيح كان يصنع المعجزات ويقيم الموتى ويشفي المرضى، فهذه أمور حدثت ووقائع مدونة في كتب الأقدمين وعرفها الجميع لذا لا يمكن إخفاؤها، لكنا أضفنا الكلمات التي تدل على أنه كان يعمل كل ذلك بإذن الله، وأنه كان يعمل كل ما عمل من معجزات ليس بقوة لاهوته ولأنه هو الله المتجسد، بل لأن الله سمح له أن يعملها، وبالتالي فهو كأي نبي أو إنسان أرضي مولود من رجل وامرأة مثله مثل آدم.

والحقيقة يا سيدي الشيطان الرئيس أن أفضل ما جعلنا المسلمين والكثير من البشر يؤمنون به هو أن المسيح تكلم في المهد صبيًا، الأمر الذي تعلم سيادتكم أيها الشيطان الأعظم أنه لم يحدث، لأنه لو كان قد حدث لدوَّنه كتاب العهد الجديد على يد كاتبي الأناجيل وخاصةً لوقا الطبيب الذي كتب للعالم يقول إنه تتبع ما حدث فيما يتعلق بقصة ميلاد المسيح وحياته بالتدقيق في قوله: “إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.”
أكمل روح الضلال حديثه قائلًا: “وكما تعلم أيضًا سيدي الشيطان الرئيس فقد حاولنا، نحن رؤساء الأرواح الشيطانية الشريرة، أن نجعل الطفل المسيح يتكلم في المهد صبيًا ولم ننجح، لأنه العليم بكل شيء، فلو كنا نجحنا في أن نجعله يتكلم بالفعل في المهد صبيًا لكنا أقنعنا الناس أن الطفل المسيح هو طفل معجزي يختلف عن بقية الأطفال وبالتالي عن بقية مولودي المرأة، ولكنا انتهينا إلى النتيجة الحتمية وهي أنه حيث إنه ليس كباقي مولودي المرأة إذًا فهو لا يصلح أن يمثل الجنس البشري أمام الله، ولا يصلح أن يموت فداءً عن الجنس البشري. ولذا عندما فشلنا في أن نجعله يتكلم في المهد صبيًا، وفشلنا في أن نوقعه في أية خطية وهو يعيش على الأرض، وفشلنا في إثنائه عن أن يذهب إلى الصليب لينوب عن الإنسان ليوفي عدالة الله روجنا وبعنا للخلق قصة كلامه في المهد صبيًا فاشتروها منا وقبلوها بسهولة وروجنا أيضًا لحقيقة صلبه بأن اليهود ما قتلوه وما صلبوه لكن شبه لهم، وروجنا فيما يختص بإقامته من الأموات للكذبة التى انتشرت بين اليهود بأن تلاميذه جاءوا ليلًا وسرقوا جسده من القبر.

6- ومن أعظم ما نجحنا فيه هو أننا جعلنا البشر يختلفون حول ما جاء في الكتاب المقدس بشأن قصة ميلاد المسيح وما جاء في القرآن عنها. أخفينا عنهم نص الرسالة التي جاء بها عدونا، جبرائيل الملاك، لمريم من إلوهيم، هذه المذكورة في الإنجيل والتي نصها: “فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هَذَا يَكُونُ عَظِيمًا وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إلى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ. فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟ فَأَجَابَ الْمَلاَكُ: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ الله.”
لقد نجحنا في تشكيك الناس في أن الاسم الذي أعطاه الملاك لمريم لمولودها هو يسوع، وليس المسيح أو عيسى، فجعلنا القرآن يطلق عليه اسم المسيح عيسى بن مريم، بالرغم من أن الملاك هو الذي قال لمريم إن المولود منها يُدعى اسمه يسوع، أو عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا، وأنه هو القدوس، وهو الذي يدعوه، ليس الناس على الأرض، أو حتى يطلق هو على نفسه هذا الاسم، بل يدعوه الجالس على العرش في السماء “ابن الله”. لذا لم نجعلهم يذكرون اسم يسوع أبدًا في القرآن، حيث إن هذا الاسم، كما تعلمون جميعًا، يعني المُخَلِّص، فلو كنا سمحنا بذكره في القرآن لكنا قد هدمنا بأيدينا كل ما بنيناه في أن المسيح عيسى بن مريم ليس هو المُخَلِّص، وأن البشرية لا تحتاج إلى مُخَلِّص، وأقنعناهم أنه لا يوجد شيء يُعرف بالخطية الأصلية وأن الإنسان وُلِدَ خاطئًا. نعم، علَّمناهم أن كل ابن آدم خطاء لكنه لا يولد بالخطية، وبالتالي لا حاجة للفداء. وأخفينا عن عيونهم كل النبوات التي جاءت عن ميلاد المسيح في العهد القديم، ولم نذكر اسم مدينة بيت لحم إطلاقًا في القرآن لأننا لو كنا ذكرنا اسم هذه المدينة لكنا وكأننا قد صادقنا على النبوة بأنه المسيح، المسيا، الذي سيولد في بيت لحم. وذكرنا لهم أن المسيح ولد تحت نخلة، وأن الناس كانوا يعلمون أن مريم لم تكن متزوجة ولذلك جاءوا يلومونها ويقرعونها قائلين: “يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا”، وأخفينا عنهم أن الجمع الواقف حولها لو كانوا يعلمون أنها جاءت شيئًا فريًا وأنها أنجبت قبل أن تتزوج لكانوا انهالوا عليها بالحجارة وفقًا لتعاليم توراتهم. وبالطبع جعلناهم يصدقون أن المسيح نطق مدافعًا عن نفسه وعن أمه في قوله: “إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيًا”.
صفق الشيطان الرئيس لروح الضلال وقال: “أشكرك أنت والأرواح المضلة العاملة معك على مجهوداتكم العظيمة هذه في منع البشر من التفكير، وإن حاولوا التفكير فسيجدون ما أعددتموه أنت وفريقك الشيطاني للرد عليهم وعلى استفساراتهم وأسئلتهم.”
أشار الرئيس إلى روح الخوف وقال: “وما دوركم أنتم واستعداداتكم التي عملتموها لمواجهة احتفالات الميلاد؟”

قال روح الخوف: “جعلنا الناس تخاف من التواجد في الكنائس في ليلة الميلاد، فدائمًا نذكِّرهم بأن المسلمين المتطرفين سيفجرون كنائسهم وسيعملون بهم شيئًا رديًا، ونذكِّرهم باستمرار بالتفجيرات والاعتداءات والحرائق التي اندلعت في الكنائس وما عمله الأخوان المسلمون والسلفيون بكنائسهم، وبالتالي تزداد كراهية المسيحيين المتدينين من غير الأتباع المخلصين لعدونا المسيح تزداد كراهيتهم للمسلمين وبالمقابل تزداد كراهية المسلمين للمسيحيين أيضًا، وبالتالي يتقاعس الكثيرون عن الذهاب إلى الكنائس للاحتفال بعيد ميلاد عدونا، وإذا تجرأ أحدهم وذهب إلى الكنيسة نجعله يخاف وينقبض قلبه عندما يرى حجم الحرس والعسكر الذي يحيط بالكنيسة والمتاريس الحديدية وفي بعض الأوقات الإسمنتية التي تمنعهم من ركن سياراتهم أمام الكنيسة بل بعيدًا عنها بعيدًا خوفًا من اعتداء المسلمين على الكنائس وهذا أيضًا يزيد من العداوة والكراهية بين أصحاب الديانتين ويشحن الجو العام بشحنات سلبية حتى تشتعل دنياهم نارًا محرقة لكليهما.

أشار الشيطان الرئيس لروح الغي وقال: “وأنت ماذا أعددت؟”
قال روح الغي: “سيدي الشيطان الرئيس، إلى جانب ما نعمله في كل برامجنا اليومية مع المسيحيين لنغويهم ونبعدهم عن خلاص المسيح فإننا نستغل هذه الفرصة بأن نفرغ ذكرى ميلاد المسيح من مضمونها وحقيقتها ونوجه الناس إلى البيع والشراء والهدايا والكعك واللقاءات بين العائلات والخروج للحدائق وأماكن التجمعات، المهم ألا يفكر أحد في حقيقة الميلاد. وحتى في الكنائس نحول الاحتفال بعيد الميلاد بين المسؤلين في مصر وبعض البلاد العربية الأخرى إلى استقبالات ورسميات ومجاملات وخطب ومعانقات وشعارات مثل ”عاش الصليب مع الهلال وغيرها من الهتافات الحمقاء، والكل تقريبًا يعلم أن أغلبها كاذبة لا تصلح من الأمور والعلاقات بين المسيحيين والمسلمين شيئًا، ونجعل أكبر المسئولين عن البلاد يزورون الكنائس المختلفة ويؤكدون للمسيحيين بمجرد الكلام فقط أنه لا يجب أن يفتكر أو يقول أحد إنه مسيحي أو مسلم ويقسم المسئول للشعب المسيحي: “والله العظيم، والله العظيم، والله العظيم، إحنا بنحبكم، ومفيش حاجة اسمها مسيحي أو مسلم، إحنا كلنا واحد، كلنا أولاد حواء وآدم، كلنا مصريين” فيصفق الحاضرون بجنون حتى تلتهب أيديهم وينصرفوا مبتهجين فرحين بما قيل لهم، وهذا كل ما نصبو إليه في أن يظل الحال على ما هو عليه بين المسيحيين والمسلمين ويظل الجميع في حالة من الغيبوبة الدماغية والخوف والتوتر العصبي، واللاوعي حتى عيد القيامة لنكرر نفس الشيء.”
أشار الشيطان الرئيس لروج ضد المسيح وقال له: “وأنت ماذا أعددت للعيد؟”
قال روح ضد المسيح: “الحقيقة يا سيدي الشيطان الرئيس إن كل ما قاله الإخوة الشياطين رؤساء الأقسام المختلفة هو بإشراف وتكليف مني أنا شخصيًا، روح ضد المسيح، لأننا أنا وشياطيني مَنْ نجعل الناس يعترفون أن المسيح، أي الله، لم يأتِ في الجسد، وبالتالي ليس هو يسوع المُبشَّر عنه في التوراة والإنجيل الذي يُخَلِّص شعبه من خطاياهم.”
وقف الشيطان الرئيس فوقف معه كل المجتمعين وقال لرؤساء الأقسام من الشياطين، لا تنسوا ولا يغيب عن بالكم أن الوقت منذ الآن مقصر، وأن لنا زمانًا يسيرًا لنعمل فيه بكل جد ونشاط لنضل أكبر عدد ممكن من البشر أي خليقته كلها، ولو أمكن أيضًا أن نضل المختارين من عدونا ليدخلوا معه إلى سمائه، لنا زمانًا يسيرًا قبل اختطاف الكنيسة لأنه كما يبدو من الأحداث الجارية الآن في العالم أصبح مجيء عدونا المسيح على الأبواب، واختطاف الكنيسة أصبح وشيكًا جدًا، رفع الشيطان الرئيس يده اليمنى فرفع معه كل الواقفين أيديهم اليمنى ورددوا وراءه قسم مملكة إبليس: “أقسم بالشيطان العظيم، إله هذا الدهر، رئيس سلطان الهواء، الحية القديمة، أن أكون مُخلِصًا في بناء والحفاظ على مملكتنا الشيطانية، وأن أضل عباد عدونا إلوهيم الصالحين، وأضل لو أمكن المختارين، أمين.”
أصدر الشيطان الرئيس أوامره بالانصراف وممارسة كل منهم لمهامه الشيطانية لحين عقد اجتماع آخر.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى