المسيح

كيف يمكن أن يكون لله ابن؟

        جوش ماكدويل

 

يعد لقب “يسوع ابن الله” أكثر الألقاب التي بها تحد. فما المقصود فعليًا بهذا اللقب؟ كيف يقدم العهد الجديد تعريفًا لهذا اللقب؟ يعرف أولئك الذين درسوا هذه الفكرة بأن معنى لقب “ابن الله” متعدد الجوانب، والفارق دقيق للغاية، وأحيانًا لا يشرح العهد الجديد هذا اللقب شرحًا عميقًا كما يحب الكثيرون. وقد تبدو بعض الآيات الكتابية غامضة. كما كتبت مجلدات لتفسر هذا اللقب وتشرحه من وجهات نظر مختلفة ومتنوعة.

سنلقى النظر على ثلاث نقاط أساسية تتعلق بإذن الله:

  • تقدم الأناجيل الأربعة وصفًا مرتب ترتيبًا زمنيًا ومنهجيًا ليسوع بصفته ابن الله.

  • يشارك ابن الله السمات والخصائص نفسها التي يتمتع بها المسيح وابن الإنسان.

  • أعلن يسوع أنه ابن الله، وأشار أن الإيمان بهذا المفهوم هو أمر أساس لنوال الخلاص وللتمتع بالحياة الأبدية في الفردوس.

  • تصور الأناجيل يسوع تصويرًا منهجيًا بصفته ابن الله.

فيما يلى سلسلة من الآيات المرتبة ترتيبًا زمنيًا التي تقدم فكرة محدودة عن طبيعة ابن الله.

نقاط فاصلة

في مر1: 1، “بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله”؛ وفي لو1: 26- 38 “فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعى ابن الله”.

في مت3: 16، 17 أعلن الله عن نفسه بوضوح أن يسوع هو ابنه “هذا هو ابنى الحبيب الذي به سررت”.

في يو3: 16- 21، أعلن يسوع أنه ابن الله قائلًا: “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية”.

في مت17: 1- 8، تجلى يسوع، أكد الله مرة أخرى على الشيء نفسه: “هذا هو ابنى الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا”.

في يو17: 1- 5، صلى يسوع لله الآب قائلًا: “أيها الآب قد أتت الساعة مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضًا”.

في مت 26: 63، 64 ؛ قال رئيس الكهنة له: “أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا: هل أنت المسيح ابن الله؟ قال له يسوع: أنت قلت!”.

في يو20: 31؛ “وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكى تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه”.

تبين هذه النصوص أنه قيل عن يسوع، قبل ولادته، إنه ابن الله ومنذ بداية حياة يسوع، وحتى نهايتها، تحددت هويته بوضوح دون أي استثناء، أنه ابن الله وأولئك الذين يدعون غير ذلك هم غير أمناء مع قرائهم.

يهتم بعض النقاد المسلمين العهد الجديد بأنه تعرض للتحريف، ويؤكدون أنه حدثت إضافة لجميع الآيات التي تنص على أن يسوع هو ابن الله. ويتم الرد على هذا الاتهام في أنه يصعب في ضوء النصوص.

والآيات المذكورة سابقًا، تصديق أو تصور أن من يود تحريف الإنجيل- كلمة الله- يمكنه دس فكرة أن يسوع هو ابن الله! تلك الفكرة التي قدمها الكتاب المقدس بطريقة متسقة ومنهجية في روايات عديدة ومتنوعة، عكست وجهات نظر كثيرة ومختلفة. لن يسمح التاريخ الموثق للعهد الجديد، والأدلة التي ظهرت في المخطوطات الموجودة لمثل هذا التحريف أن يحدث بهذا الشكل الكبير. لم يحدث تحريف لكلمة أو عبارة أو نص في هذه الحالة؛ لأن البراهين والأدلة تبين أن رسالة الإنجيل قد نسجت تمامًا أن يسوع هو ابن الله، حيث ترسخت الفكرة من البداية وحتى النهاية. وقد نادى التلاميذ والملائكة والله والشيطان ويسوع وآيات العهد القديم ورئيس الكهنة اليهودي بإعلان أن يسوع هو ابن الله. فإذا تناولنا العهد الجديد بأمانة ونزاهة، سنفهم أن الأناجيل منذ بدايتها، وحتى نهايتها، وقد أعلنت أن يسوع هو “ابن الله” باستمرار. وتعد هذه هي الخلاصة الوحيدة الصادقة التي يمكن استنتاجها.

  • يشارك ابن الله السمات والخصائص نفسها التي يتمتع بها المسيح وابن الانسان.

لا تحتاج هذه النقطة إلى شرح؛ لأننا قد أثبتنا بالفعل أن الكتب المقدسة التي تربط المسيح وابن الانسان بابن الله. كما أكد المقربون من يسوع على هويته بصفته المسيح، وابن الانسان، وابن الله.

  • مت16: 13- 17: أقوال بطرس عن يسوع.

  • يو11: 17- 27: اعتراف مرثا.

  • مت26: 57- 65: يسوع أمام القادة اليهود (اقرأ أيضًا مر14؛ لو22).

بالمثل يشارك ابن الله الإمكانيات نفسها بصفته المسيح، وابن الإنسان:

  • ابن الله يطرد الشياطين (مت8: 32).

  • ابن الله يصنع معجزات (يو20: 30).

  • ابن الله يعود بكل سلطان (مت26: 63، 64).

  • ابن الله يقوم من الأموات (يو5: 25).

  • أعلن يسوع أنه ابن الله، وأشار أن الإيمان بهذا المفهوم أمر أساس للحصول على الخلاص، والتمتع بالحياة الأبدية في الفردوس.

ما هو منطق يسوع عندما أعلن عن نفسه أنه ابن الله؟ عندما بدأ يسوع خدمته، اعتمد على يد يوحنا المعمدان (اقرأ مت3: 16، 17). قال بن ويزرنتون التعليق التالي عن تجربة يسوع:

اجتاز يسوع في تجربة خيالية عند معموديته، نال من خلالها مسحة الروح القدس، ودُعي ابن الله في إشارة غيرة مباشرة لما ورد في المزمور 2، وبالتالي فمن الصعب عدم استنتاج أنه مسيح الله. إذا كان يسوع قد عاش هذه التجربة، واستنتج مثل هذه الاستنتاجات، فإنه يمكن تقديم شرح واضح للمنهج الذي اختاره يسوع، والسبب الذي جعله يتعامل وفقًا للسلطان والقوة السيادية التي يتمتع بها.

يا لها من لحظة قوية ومؤثرة، فقد كان يسوع يعتمد على يد يوحنا المعمدان الواعظ العظيم. وأثناء خروجه من الماء، رأى الجمع الروح القدس ينزل على يسوع في صورة حمامة، ويا لها من علامة سماوية. ثم سمع الجمع صوتًا قويًا من السماء “هذا هو ابنى الحبيب الذي به سررت”. كان يسوع بكل تأكيد يمتلك كل حق وإيمان أن يعلن نفسه أنه ابن الله.

بدأ يسوع في الخدمة الجادة بعد معموديته. فأوضح للناس حقيقة هويته وإرساليته. وقد رأى الناس البرهان والسلطان الذي يتمتع به في خدمته، وأدركوا أن الله كان معه. ذكرنا من قبل حديث يسوع مع نيقوديموس. فخلال لقائهما لم يتكلم يسوع برسالة الإنجيل فحسب، بل أعلن نفسه أيضًا ابن الله (يو3: 13- 19). وأعلن يوحنا بعد هذا النص أن يسوع هو ابن الله، ومصدر الخلاص الأبدى (يو 3:  31- 36).

بمرور الوقت، حدث جدل واسع، لأن يسوع كشف رياء العديد من القادة اليهود، حيث تناقش معهم، وقال لهم إن الله منح الحق للابن أن يعطى الحياة الأبدية للذين يؤمنون بموته وقيامته من الأموات. في (يو5: 20 -30)، استمر يسوع في التأكيد على أن من لا يكرمه بصفته ابن الله، لن يستطيع أن يكرم الآب أيضًا، وأكد يسوع أنه سيدين البشرية.

وأخيرًا، دعونا نلقى الضوء مرة أخرى على السبب الذي جعل يوحنا يكتب إنجيله:

“وآيات آخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه” (يو20: 30، 31).

توضح الآيات الكتابية المذكورة أن يسوع كان معروفًا عنه أنه ابن الله. وقد أعلن الله نفسه ذلك، ويوحنا المعمدان، ويسوع أيضًا. قال يسوع إنه من الضروري على أتباعه الإيمان بأنه ابن الله. بالطبع قد لا نفهم كل المعاني، والتفاصيل، والفروق الدقيقة للغاية المقصود بها “ابن الله”، لكن ينبغي فهم أن يسوع هو ابن الله، ومتحد مع الله الآب.

كان يعرف الذين عاصروا يسوع في ذلك الوقت أن المسيح هو ابن الله. ومع ذلك، لم يفهموا أن المسيح سيتألم أيضًا ويموت. وتبين تعاليم يسوع وأعماله أنه أكثر من مجرد نبي، فقد جاء بإرسالية صعبة أعطاها له الله. وكان يعرف أنه سيحقق هذه الإرسالية. كما لاحظ ويزرينتون ذلك:

“لم يكن يسوع شخصًا عاديًا، ولم يعتبر نفسه  كذلك، لم يكن يفكر في نفسه كمجرد نبي أو معلم. بالأحرى كان يرى نفسه بصفته مسيح الله، المبعوث منه، والراعى الأخير لشعب الله. كان هذا  هو المفهوم الشخصى الذي عبر منه بالقول والفعل، خاصة بالعمل الرمزي خلال الأسبوع الأخير من حياته، الذي أدى إلى موته بصفته “ملك اليهود”.

يواجه الباحثون عن الحق حاليًا تحديًا كبيرًا في قبول يسوع بصفته ابن الله. لكن كان يسوع يعلم أن هذا الحق واحد من أهم عناصر الإيمان ومتطلبات الحياة الأبدية. كما قال يوحنا لاحقًا: “من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى