صباح إبراهيم
لو درسنا العناصر الكيميائية المهمة الأساسية التي تدخل في تكوين أجسام جميع الكائنات الحية، الإنسان والحيوان والنبات، لوجدنا أنها الكربون والهيدروجين والنتروجين والأوكسجين إضافةً إلى الكالسيوم والفوسفور.
وجد العلماء أن هذه العناصر أساسية وبدونها لا تتكون الحياة، وهي متوفرة في معظم أرجاء الكون والأجرام الفضائية، ومع ذلك لا نجد الحياة حتى اليوم في أي مكان في الكون سوى كوكب الأرض. والسبب المهم هو عدم توفر الماء السائل في الكون وكواكبه وأجرامه ومذنباته، حيث نجد أن كل ما يلزم لنشوء الحياة من عناصر كيميائية وماء وحرارة وضوء وعناصر أخرى مساعدة متوفرة في كوكب الأرض فقط. ولهذا فقد ظهرت الحياة على كوكب الأرض فقط من دون سائر الكواكب المعروفة لحد الآن. فما هو السبب؟
عندما خلق الله الكون، بما فيه الكواكب صخرية التكوين، اختص كوكب الأرض وحده بخلق الحياة فيه، وجعلها في سمائه وعلى أرضه وفي مياهه العذبة والمالحة لحكمة لا يعرفها سوى الخالق وحده.
وأكبر دليل على ذلك أن الكتاب المقدس يقول: «خلق الله السماء والأرض»، ولم يأتِ ذكر لأي كوكب آخر من كواكب الكون كالمريخ والمشتري وزحل وعطارد والزهرة من كواكب المجموعة الشمسية في موضوع الخلق. الأرض وحدها ذُكرت في سفر التكوين عندما خلق الله الإنسان والحيوانات والنباتات.
ما هي الحياة؟ إنها روح الله الذي نفخه في جسد الإنسان فمنحه الحياة العاقلة، وفيها الفكر والنطق والتصرف السليم، لأن الله هو الحياة وروح الله دخل جسد الإنسان ليحييه. قال السيد المسيح (كلمة الله) على الأرض: «أنا هو القيامة والحياة»، أما الحيوانات والنباتات فليس فيها روح الله بل فيها نفس لتحيا بها وتنمو وتعيش.
لقد خص الله كوكب الأرض الذي جعله ملجأً لخلائقه من الأحياء بكل مستلزمات إدامة واستمرار الحياة بكل أشكالها على الأرض هواءً وأرضًا ومياهًا لتبقى الحياة وتستمر. فما هي العوامل المساعدة التي خلقها الله لبقاء الحياة مستمرة على كوكب الأرض؟
الشمس: هي النجم الذي يمد الأرض والإنسان والحيوانات والنباتات بالطاقة والدفء. لو ابتعدت الأرض عن الشمس قليلًا لتجمد كل شيء على الأرض ومات كل الأحياء، ولو اقتربت الأرض قليلًا من الشمس لماتت الكائنات الحية من شدة الحر وتبخرت كل مياه البحار والأنهار، كما أنه بضوء الشمس تصنع النباتات غذاءها.
الماء: كل جسم حي يتكون من ماء، ولولا الماء لجفت خلايا الكائنات الحية وماتت، فالماء يدخل في تركيب جميع أنواع الخلايا والدم والهرمونات وجميع إفرازات الجسم من مواد هاضمة للطعام ومزيتة للمفاصل وغيرها.
القمر: لولا وجود القمر لماتت الحياة على الأرض، لأنه يحافظ على جاذبية مناسبة للأرض ويسبب حركة مياه البحار والأنهار في عملية المد والجزر التي يتم بها تنظيف المياه وضمان عدم ركودها، حيث تُلفظ الشوائب والأجساد الميتة فيها إلى الشواطئ للتخلص منها.
التربة الخصبة: التي تمثل فراشًا لإنبات النباتات والأشجار ومدها بالغذاء والعناصر الكيميائية والماء لمواصلة الحياة فيها.
دورة الماء في الطبيعة: تبخُّر المياه وتكوُّن السحب وتساقط الأمطار لتوزيع الماء على كل سطح الأرض لإرواء الإنسان والحيوان وسقي النباتات هي وسيلة لاستمرار وبقاء الحياة.
اعتماد الإنسان على لحوم الحيوانات في غذائه: الحيوانات نوعان: آكلة اللحوم وآكلة النباتات. والنباتات تصنع غذاءها من العناصر الكيميائية في التربة بمساعدة ضوء الشمس، فكل كائن حي يتغذى على غيره لمواصلة الحياة، ما عدا الإنسان الذي حرَّم الله قتله أو أكل لحمه. وقد وفر الله كل المواد الغذائية لجميع المخلوقات وحرَّم على الإنسان أكل بعضها لتكون طعامًا لغيرها من الحيوانات.
أبعد كل هذا ينكر بعض الناس وجود الخالق وهم يرون بعيونهم عجائب خليقته؟ لم يترك الله شيئًا ناقصًا إلا وأكمله على أحسن وجه.