جريدة الطريق

اتعجب من

د. ناجي يوسف

أمران حدثا في هذه الأيام وتناقلتهما وسائل التواصل الاجتماعي، وأدلى الكثيرون بدلوهم في قبولهما أو رفضهما واجتهدوا مخلصين أو مغرضين في شرحهما وتفسير ملابساتهما. وهذان الأمران أولهما هو حرائق الكنائس مجددًا في ذكرى فض اعتصام رابعة العدوية في مصر، حيث أرجع المسئولون أسباب هذه الحرائق إلى الماس الكهربائي. أما ثانيهما فهو ما قاله الدكتور مبروك عطية عن السيد المسيح تبارك اسمه في تعليقه على كلام الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى حول “موعظة الجبل” للسيد المسيح تبارك اسمه.

أما فيما يتعلق بأولهما وهو أمر الماس الكهربائي الذي حدث في كنيسة العذراء بإمبابة، فقد جعلتني هذه الفاجعة أتفكر في عبارة “ماس كهربائي”. فمع أن عبارة “ماس كهربائي” هي عبارة تتكون من كلمتين إلا أنها ذات تأثير كبير جدًا جدًا في عالم الأمن والسياسة والدين، والسبب وراء كون هذه العبارة الصغيرة في كلماتها والعظيمة في تأثيرها هامة للغاية في حياة البشر المصريين أجمعين هو أن عمر سماعها واستخدامها بواسطة العديد من الكيانات السياسية والدينية والأمنية المصرية، على الأقل بالنسبة لي، يزيد على الستين عامًا.

ففي أيام سني غربتي على الأرض سمعتها منذ كنتُ صغيرًا جدًا، وقت دارستي في المدرسة الابتدائية، حين كنتُ صغيرًا جدًا حتى على أن أدرك معناها الحقيقي. وفي الغالبية العظمى من الأوقات كنا نسمعها تتردد على ألسنة المسئولين بالدولة المصرية، وفي الصحف الحكومية والخاصة، في شهري يونيو ويوليو من كل عام، والسبب في ذلك هو أن السنة المالية كانت تنتهي في 30 يونيو وتبدأ في 1 يوليو من كل عام، وهما الشهران اللذان كان الماس الكهربائي فيهما يصبح أكثر شراسة وضراوة ويكون زائرًا ومتجولًا بين شركات القطاع العام يومئذٍ، مثل “عمر أفندي” و”صيدناوي” و”الشركة المصرية للغزل والنسيج” والمصانع الحربية، وبعض المصالح الحكومية الأخرى، وغيرها الكثير مما يصعب تعداده وحصره اليوم بعد كل هذه السنين.

كنتُ دائمًا ما أسمع والدي، قدس الله ذكراه، يتساءل في كل عام: لماذا يبدأ هذا الماس الكهربائي في هذا النشاط الحرائقي، المقنن والمحسوب التوقيت بكل دقة، والخروج من بياته الشتوي قبيل نهاية السنة المالية وبداية الجديدة؟ والسبب كان ولا يزال معروفًا للعامة والخاصة من الشعب المصري اليوم كما كان في القديم، وهو بكل تأكيد لحرق ملفات الحسابات والمكاسب والخسائر والمراسلات بين الكبار، بل وحتى قتل الناس والتخلص منهم لإخفاء الحقائق المالية والسياسية والأمنية المتعلقة بهم أو بأعدائهم.

وما من شك في أن هناك استخدامات أخرى للماس الكهربائي بخلاف ما ذكرته سابقًا، سواء في الكنائس أو مبان المصالح الحكومية أو في مخزن سجلات مجلسي الشعب والشورى وبعض مكاتب الشهر العقاري وغيرها الكثير.

والعجيب والغريب أن هذا الماس الكهربائي يبدو أن له عقلًا جبارًا يفكر به يفوق في إمكانياته وقدراته كل إمكانيات وقدرات عقول بعض البشر، فمثلًا يستطيع هذا الماس الكهربائي أن يتواصل مع زملائه من الماسات الكهربائية الأخرى في عدة شركات أو مصالح أو عدة كنائس في وقت واحد، وقت محدد ومقنن، ليتفقوا جميعًا مع بعضهم البعض بشأن مَنْ منهم سيبدأ حريقه الأول، وفي أي مكان، وفي أي توقيت ومناسبة أيضًا. فمثلًا يمكن للماسات الكهربائية أن تختار وتقرر أن تبدأ زمانيًا في موسم ذكرى ما حدث من حرائق وجرائم في اعتصام رابعة العدوية. أما مكانيًا، فليس هناك أفضل وأسهل من بداية نشاطه في الكنائس المكتظة بالمصلين، وفي أيام الآحاد بالذات، الأمر الذي يحتوي على عدة فوائد للماس الكهربائي ومشجعيه ومستخدميه، وخاصةً في الأحياء الشعبية كإمبابة والعمرانية وغيرها، فهذه الأماكن بالذات تصل الخدمات العامة فيها إلى أقصى درجات التدني، ويرتفع عدد سكانها إلى أقصى درجات الزحام، ولذا فإن الماس الكهربائي يكون سعيدًا جدًا بأن يبدأ نشاطه المدمر في كنائس مثل هذه المناطق.

والعجيب، والجدير بالذكر، أن المسئولين سواء في الشركة أو المصنع أو الحكومة أو حتى الكنيسة يظنون أنهم عندما يبررون للناس بأن الحريق الذي حدث في مكان ما هو بسبب ماس كهربائي فإن هذا يكفي لأن يسد الجميع أفواههم، فلا يعلقون على الماس الكهربائي ولا على القائلين بأنه “ماس كهربائي”، ولأن يسد الناس عقولهم أيضًا فلا يفكرون فيما أو فيمن تسبب بحدوث هذا الماس الكهربائي، وكأنه شيء يحدث دون تدخل من بشر، بل هو قضاء الله سبحانه، الذي لا اعتراض عليه، والذي يستوجب التسليم به، وقبوله دون نقاش، فمن يستطيع أو يجرؤ على الاعتراض على قضاء الله؟ “اللهم لا اعتراض”. ليس ذلك فقط بل ينبغي أن يشكر الجميع المولى، تبارك اسمه، علي حدوث الماس الكهربائي، لأن “قضاء ألطف وأخف من قضاء”، حيث كان من الممكن أن الدمار الذي حدث يكون أكبر وأخطر مما حدث، أو كان من الممكن أن ينهار مبنى الكنيسة كله فوق رؤوس المصلين ليموتوا جميعًا، ولا شيء بيد إنسان ليعمله سوى أن يترحم الجميع على مَنْ ماتوا بسبب هذا الماس الكهربائي، ويحمدوا الله أن مَنْ ماتوا كانوا في حدود الخمسين شخصًا وكان من الممكن أن يكونوا أكثر من ذلك بكثير جدًا، غير عالمين أو مكترثين بأن موت طفل واحد لدى أبيه أو أمه بسبب الماس الكهربائي في الكنيسة هو بمثابة موت الأطفال جميعًا، بل وموت آبائهم وأمهاتهم الذين سيقاسون عذاب الفراق واجترار الذكريات مع أطفالهم طوال أعمارهم. وفي النهاية “قضاء أخف من قضاء”، ولا يمكن لأحد أن يعمل شيئًا سوى أن يمد يد العون المادي والمعنوي لعائلاتهم إن استطاع إلى ذلك سبيلًا، حتى يُنسى الأمر تمامًا، فالزمن كفيل بأن ينسينا كل شيء، إلى أن يزورنا هذا الماس الكهربائي، رغمًا عن أنوفنا، في مكان آخر وتوقيت آخر. وبناءً على كل ما تقدم سيكون رد فعل العامة من الناس هو أن الأمر لا يعدو أن يكون ماسًا كهربائيًا لا ذنب لأحد في حدوثه.

والعجيب والغريب أن القوانين الخاصة بتصاريح بناء الكنائس في مصر منذ أن قام ضباطنا الأشرار بثورة 1952 وما قبلها، منذ عهد العزبي باشا، قد تفننت في تطبيق شروط عزبية صارمة وغبية لمنع بناء الكنائس في مصر، وإحباط كل محاولات الحصول على تراخيص رسمية من الدولة لبنائها، ووضعت أمام الحصول على ترخيص بناء كنيسة الكثير والعديد جدًا من العقبات والصعوبات التي لا بد أن يتخطاها طالبوا بناء كنيسة قبل حصولهم على الترخيص. وقد كان من أهمها وعلى رأسها هو ما يتعلق بأمن ومتانة المبنى الكنسي المراد إقامته، واستغلال هذا الجزء بالذات في تعطيل بناء الكنائس، والإصرار على استيفاء وعمل كل ما يتعلق بالأمن والمتانة قبل الحصول على ترخيص البناء، لكن هذه القوانين في نفس الوقت تغاضت، بل وأهملت عن قصد، عن طلب الضمانات والتأكيدات التي تضمن عدم حدوث ماس كهربائي في كنيسة ما، أو وجود أكثر من مدخل وباب واحد للكنيسة للاستخدام في حالات الطوارئ أو زيارة الماس الكهربائي لها أو انفجار قنبلة فيها. ألا يجعلنا هذا أن نفكر في أن مهندسي أي حي تُبنى فيه كنيسة لا يكترثون بأمن ومتانة التوصيلات الكهربائية وكأنهم يرحبون بالماس الكهربائي وبزيارته للكنائس، بل وربما يدعونه ويتوسلون إليه لزيارتها، ويصنعون له عن عمد طريقًا سهلًا لدخوله للكنيسة وقضائه على المصلين؟ هل وصلت درجة الترحيب بالماس الكهربائي إلى حد أن يغلق المرحبون به باب الكنيسة أثناء انعقاد اجتماع يوم الأحد بها، مع وجود المئات إن لم يكن الآلاف بداخل مبناها؟ هل هذا الماس الكهربائي من الذكاء والحنكة والفطنة التي تجعله يختار كنائس الأحياء الشعبية الفقيرة المكتظة بالسكان فقط لزيارتها دون أي بيوت أخرى للصلاة في نفس المنطقة وتحت نفس الظروف المحيطة بالكنائس، ويختار توقيت اجتماع الأحد صباحًا، الأكثر ازدحامًا من أي اجتماع آخر في الأسبوع، وأن يغلق باب الكنيسة أولًا بالأقفال قبل أن يبدأ في زيارته لها، وفي حصده لنفوس المصلين، وفي نفس الوقت يخيف هذا الماس الكهربائي المسئولين في الحكومة والكنيسة ويرعبهم حتى لا يعترفوا أو يقولوا أو حتى يفكروا بأن زيارة الماس الكهربائي للكنيسة كانت بناءً على دعوة جماعات خاصة، كارهة للكنيسة واجتماعاتها والصلوات المرفوعة فيها، تلك الجماعات التي ترسل برقياتها من خلال الماس الكهربائي للمسئولين في مصر بأننا لا زلنا موجودين، ولا زلنا قادرين على إرسال ماسنا الكهربائي للكنائس والمصالح الحكومية بل وحتى إلى بيوتكم؟ هل تم التحقيق مع الماس الكهربائي ووصلت السلطات لمن قام بدعوته وأحضره لزيارة الكنيسة؟ وهل درست السلطات الطرق والوسائل التي جاء بها إلى الكنيسة؟ هل توصلت لنتائج وحقائق في تحقيقاتها لذا قررت أن تصلح ما تستطيع أن تصلحه بهذه السرعة غير المسبوقة، لتصلح ما أفسده الماس الكهربائي حتى تسد الباب عليه، وتمنعه من أن يفكر مرة أخرى في زيارة هذه الكنيسة أو غيرها من الكنائس؟ هل يمكن أن يحلم رجل الشارع المصري بالتحقيق مع هذا الماس الكهربائي، ومعرفة نتائج هذه التحقيقات بكل شفافية ووضوح، والتصدي له والانتقام ممن دعاه أو تسبب في زيارته للكنيسة، أم أن كل هذه المطالب ما هي إلا من وحي خيال وأحلام وتمنيات كاتب هذه السطور؟ وماذا ستفعل القيادات الكنسية إن لم تصل السلطات إلى نتائج عادلة وشفافة وموثقة ومقنعة؟ هل ستنسحب من المشهد كما هي عادتها وتؤكد أنه إذا أحرق لنا الأعداء كنائسنا فسنصلي مع إخواننا المسلمين في جوامعهم، لأننا نعيش في أزهى عصورنا للدرجة التي يمكننا بها كمسيحيين أن نتخذ من شيخ الجامع الأزهر إمامًا لنا؟ أين هي تصريحات وتعليقات أصحاب تلك العبارات سيئة السمعة في مثل هذه المواقف والأحداث التي تمر بها مصر اليوم؟ ماذا سيقولون لقادة العالم وسكانه من حولنا؟ هل سيظلون مخادعين لهم متملقين للمسئولين المصريين على حساب إزهاق أرواح الأبرياء من أطفال الشعب المسيحي المصري؟ عجبي!

أما الأمر الثاني الذي أتعجب منه فهو ردود أفعال مَنْ يغضبون ويثورون، أو على النقيض لا يبالون ويتبلدون، على تصريحات أستاذ جامعة الأزهر مبروك عطية لمجرد أنه قال شيئًا فريًا عن شخص المسيح يسوع، وسبب تعجبي ورفضي لبعض ردود المعلقين على أمر سخريته من اسم السيد المسيح أو السيد المريخ (كما قال هو) يتلخص فيما يلي:

1- نحن كمسيحيين مأمورون في الإنجيل بأن نعيش ونسلك ونتصرف كما عاش وسلك وتصرف سيدنا المسيح، الله الظاهر في جسد إنسان، وهو بجسده على الأرض، ومأمورون بأن نشابهه تبارك اسمه في كل شيء، بمساعدة قوة روحه القدوس الذي يستطيع أن يجعلنا نتغير إلى تلك الصورة عينها، أي صورة المسيح تبارك اسمه. لقد واجه سيدنا المسيح تبارك اسمه، أثناء حياته على الأرض، أنواعًا كثيرة من البشر يشابهون مبروك عطية في كبريائهم، وعلمهم، وأخلاقهم، ودراساتهم الدينية وإهانتهم له ولتعاليمه؛ فمنهم مَنْ قال عنه تبارك اسمه إنه سامري وبه شيطان، ومنهم مَنْ وصفه سبحانه بأنه المضل الذي يضل الأمة ويفسدها، ومنهم مَنْ سخر من اسم المسيح وألبسه تاجًا من الشوك وثوبًا من الأرجوان، ولطمه، وقال له تنبأ إن كنت أنت المسيح، ومنهم مَنْ سخروا من تعاليمه التي لم يفهموها يومًا، وقالوا له: “يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، انزل عن الصليب”، ومنهم مَنْ رفضوا استقباله في قريتهم وطلبوا منه أن ينصرف عن تخومهم، وغيرها الكثير الكثير جدًا من المواقف والأحداث التي تشابه ما قاله “مبروك عطية”. أما هو، أي سيدنا المسيح:

أ- فلم يقابل أبدًا الإساءة بالإساءة، بل على العكس قابل الإساءة بالإحسان، بالرغم من قدرته فائقة الطبيعة على عمل ما يحلو له في المسيئين إليه، لأنه سبحانه فعال لما يريد، الذي يقول فيكون يأمر فيصير، يدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة، ومع ذلك فهو لم ينتقم لنفسه أبدًا، لا بالعمل ولا حتى بالكلام واللسان.

ب- سيدنا المسيح لم يمنع أحدًا أو يوبِّخ أحدًا ممن سخروا منه، أو قالوا عليه كل كلمة شريرة، لأنه كان يعلم أنه من عند الله خرج وإلى الله الآب يمضى.

ج- سيدنا المسيح لم يطلب من تلاميذه أن يدافعوا عنه أو يردوا إساءة المسيئين إليه، لا بأيديهم ولا بسيوفهم وعصيهم ورصاصاتهم، بل أظهر كل محبة واحترام للمسيئين إليه، فهو الذي شفى أذن عبد رئيس الكهنة عندما أتى مع مَنْ جاءوا للقبض عليه ليصلبوه، الأمر الذي جعل تلميذه بطرس يتحمس ويظن أنه بإمكانه أنه يخلِّص سيده من أيدي أعدائه فاستل سيفه، وقطع بها أذن العبد، وهو تبارك اسمه لم يطلب من أحد قط أن يقتل أعداءه بشقهم بين نخلتين أو جملين.

د- المسيح لم يتجنب المواجهة أو الرد على منتقديه ومقارنة الحجة بالحجة، وما رد يومًا على الحجة بالسيف أو بإعداد ما استطاع تلاميذه إعداده من قوة ومن رباط الخيل يرهبون به عدو الله وعدوهم.

هـ- المسيح لم ينشغل يومًا بما يقال عنه أو ينشغل عن تأديته لواجبه في فداء البشرية، وما كان يومًا مشوَّه ومشتت الذهن، لا يعرف ما يمكن أن يلقيه الشيطان له، في قلبه وعقله، من كلمات أو آيات مصدرها الشيطان نفسه، لأن الشياطين لم تكن تستطيع أن تقترب من مجلسه سبحانه، بل كانت إما تصرخ خارجة تاركة المكان المقدس الذي كان يضع قدمه به فيقدسه، وإما تصرخ إليه طالبة ومتوسلة لكي لا يعذبها أو يرسلها إلى جهنم النار بل أن يأذن لها بالخروج والهرب من أمامه.

وـ لم يكتف سيدي المسيح بعدم القيام بكل ما تقدم بل وبَّخ تلاميذه عندما فكروا أن يردوا الإساءة بالإساءة والازدراء بالازدراء. فعندما ازدرته إحدى القرى ورفضت قبوله للمرور بها، وسأله تلميذاه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي أن يأذن لهما بأن يطلبا نارًا من السماء لتحرق المزدرين الرافضين لمجيئه ومروره عبر قريتهم انتهرهما السيد المسيح قائلًا لهما: “لستما تعلمان من أي روح أنتما”.

ز- المسيح لم يكتف بالجانب السلبي في التعامل مع مَنْ يخطئون في حقه وحقنا أو حتى يبغضونه ويبغضوننا للدرجة التي معها يلعنوننا، بل تعدى ذلك الجانب السلبي إلى الإيجابي فعلَّمنا: “أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم”.

2- ولعل السبب الثاني الذي جعلني أتعجب من ردود أفعال المسيحيين الذين أثارهم خطأ مبروك عطية في شخص السيد المسيح هو أن أخطاء مثل هذه تبين الفرق الواضح البيّن بين تعاليم ووصايا المسيح لكل الذين قبلوه وبين تعاليم غيره من الأنبياء، سواء أكانوا أنبياء حقيقيين مرسلين من عند المولى تبارك اسمه أم أنبياء كذبة، وما أكثرهم في هذه الأيام، لأنه لا بد أن يكون هناك فرق بين أتباع المسيح وأتباع غيره.

وفي النهاية أقول إنني ارفض الإساءة والتندر والسخرية من أي نبي لأي دين، مهما كانت أعماله وأوصافه، وسواء إذا كان نبيًا حقيقيًا في نظر نفسه ونظر أتباعه، أم نبيًا كذابًا في أعين الآخرين، لكنني أقول لمبروك عطية: إنني أتحداك لو أتيت بموعظة أو بتعاليم أو حتى بآية واحدة في أي دين، سماويًا كان أم أرضيًا شيطانيًا، يمكن أن تقترب من سمو تعاليم المسيح في موعظة الجبل، وفي صفاته وشخصيته وتأثيره على البشر أجمعين.

فيا معشر المسيحيين المؤمنين بالمسيح ربًا وفاديا، لا تنشغلوا بما يقال عن المسيح، ولا تسمحوا بأن تكون ردود أفعالكم مع الذين يسيئون إليه سبحانه كردود أفعالهم، وعكس ما علّم به المسيح، بل اعلموا أن النبي الذي لا يعرف أن يدافع عن نفسه بل يترك الدفاع عنه لأتباعه ولردود أفعالهم من قتل وحرق واغتصاب ليس بنبي مرسل من عند الله لهداية البشر. فمع أن المسيح كان ولا يزال قادرًا على محو كل مَنْ يسيء إليه بكلمة من وجه الأرض لكنه يتأنى على خلائقه، وهو لا يشاء أن يهلك أحد بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. والى مبروك عطية أقول: إن لم تعتذر للمسيح اليوم وتقبله مخلصا وربًا وسيدًا على حياتك، أنت وأمثالك ورفاقك، فسوف تقف أمامه يوم لا ينفع مال ولا بنون، وستخجل من كل كلمة بطالة نطقت بها أنت وأمثالك عن السيد المسيح وأتباعه، ولن تكون لك فرصة بعد موتك. أصلي لأجلك لكي لا تقف أمام عرشه الأبيض العظيم مدانًا في اليوم الأخير، فمكتوب في كتاب الله الإنجيل: “والسماء انفلقت كدرج ملتف، وكل جبل وجزيرة تزحزحا من موضعهما. وملوك الأرض والعظماء والأغنياء والأمراء والأقوياء وكل عبد وكل حر، أخفوا أنفسهم في المغاير وفي صخور الجبال، وهم يقولون للجبال والصخور: “اسقطي علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الحمل، لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم. ومَنْ يستطيع الوقوف؟‘”

أصلي لأجلك لكي تكون بالحقيقة مبروكًا وتقبل عطية السماء ولا تقف مدانًا أمامه بل تكون تابعًا مؤمنا به وبكل ما جاء عنه في الكتاب المقدس، مغسولًا بدمه الكريم الذي سال على الصليب لأجلك، وخادمًا أمينًا له ولكلمته وكتابه التوراة والإنجيل، والله العظيم المحب قادر على كل شيء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى