إجراءات عدة وافق عليها البنك المركزي المصري للحد من تسلل العملة الصعبة للخارج في ظل تراجع احتياطي النقد الأجنبي في البلاد
ضاعف أكبر بنكين حكوميين في مصر ،وهما البنك الأهلي وبنك مصر، العائد على الشهادات الدولارية ليتجاوز 5%، بعدما كان 2.25%. كما بدأت البنوك المصرية في تحديد السقف الشهري للسحب بالدولار الأمريكي من أجهزة الصرف الآلي بالخارج ليصل في بعض الحسابات إلى 500 دولار شهريا.
إجراءات عدة وافق عليها البنك المركزي المصري للحد من تسلل العملة الصعبة للخارج في ظل تراجع احتياطي النقد الأجنبي في البلاد.
تأتي هذه الإجراءات في وقت يتراجع فيه الاحتياطي المصري من العملة الأجنبية، حيث سجل الاحتياطي النقدي في سبتمبر/ أيلول 33.1 مليار دولار، مقابل نحو 45 مليار دولار في فبراير/ شباط الماضي.
تحديد سقف للسحب بالدولار من الخارج
يرى الدكتور هشام إبراهيم أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن هذا التشدد في حدود السحب هو محاولة للحفاظ على العملة الصعبة بالحد من سحب الدولار من البلاد إلى الخارج وهو إجراء يشبه ما اتخذته الحكومة المصرية بعد عملية التعويم الكبيرة التي قامت بها في العام 2016.
وقال الدكتور حسن الصادي، أستاذ التمويل في جامعة القاهرة، لبي بي سي إن هناك تلاعبا من قبل البعض بالصرف النقدي للدولار في الخارج والاستفادة من سعره في الداخل، في محاولة لفتح أسواق سوداء بديلة للبنوك لتوفير الدولار في الأسواق في ظل أزمة دولارية، وهو الأمر الذي يبرر القرار بحدود السحب، على حد وصفه.
رئيس اتحاد البنوك المصرية، محمد الأتربي، قال في تصريحات تلفزيونية إنه تم رصد ارتفاع في عمليات السحب بالدولار الأمريكي من الخارج من يناير الماضي إلى شهر سبتمبر هذا العام بنسبة 100 في المئة وهو ما دفع البنوك المصرية لوضع حد للسحب الدولاري من الخارج.
وأضاف الأتربي أن العملاء الذين يمتلكون حسابات بالدولار في مصر لا يخضعون لحدود السحب المفروضة، وتسري هذه الإجراءات على من يمتلكون حسابات بنكية بالجنيه المصري ويسحبون بالدولار من الخارج.
وقال الأتربي إن حدود الشراء للأفراد باستخدام البطاقات البنكية ما زالت مفتوحة حسب نوعية البطاقة، حيث تصل إلى 20 ألف دولار شهريا، مضيفا أن العلاج والدراسة في الخارج تعتبر من الحالات المستثناة من حدود السحب بعد دراسة كل حالة.
ويقوم عملاء البنوك المتواجدون في الخارج بالسحب النقدي من أجهزة الصرف الآلي بنفس عملة الدولة التي يتواجد فيها العميل، وتقوم البنوك بعد ذلك بعمل مقاصة لتدفع قيمة عمليات السحب هذه إلى البنوك الخارجية بالدولار الأمريكي، وهو ما يؤثر على مخزون الدولار الأمريكي في البلاد.
تأتي هذه الإجراءات في محاولة للحفاظ على مخزون الدولار داخل مصر، وتبلغ تكلفة فاتورة الاستيراد من الخارج هذا العام، طبقا لأسعار رسمية، ثمانين مليار دولار وهي تمثل احتياجات مصر من السلع فضلا عن أقساط الديون.
ويرى الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أنه بالرغم من أن الغرض من تلك الإجراءات هو الحد من التلاعب بصرف الدولار من الخارج، إلا أنها تصب في النهاية في صالح توفير الدولار حيث تحتاج البلاد إلى أكثر من مئة مليار دولار سنويا لتمويل الاستيراد والأقساط، وأن هذه الإجراءات لن تؤثر بشكل كبير في توفير الدولار أو الحفاظ عليه.
رفع الفائدة على الشهادات الدولارية بنسبة 100 في المئة
ولم تكتف البنوك المصرية بوضع حدود للسحب لكنها أيضا اتخذت قرارا برفع الفائدة على أوعية الادخار بالدولار الأمريكي بنسبة 100 في المئة، من 2.25 في المئة إلى 5.31 في المئة داخل البلاد.
وكانت البنوك الحكومية المصرية قد رفعت سعر الفائدة على الشهادات الدولارية عام 2016 قبل أن تبدأ في خفضها تدريجيا.
وقال محمد الأتربي، رئيس اتحاد البنوك المصرية، أن الارتفاعات المتتالية لأسعار الفائدة الأمريكية جعلت الأوعية الادخارية الأمريكية أكثر جذبا للمستثمرين، وهو ما يستدعي التحرك من البنوك المصرية لرفع أسعار الفائدة على شهادات الادخار بالدولار الأمريكي للضعف للحفاظ على الموارد الدولارية والاحتفاظ بالمستثمرين بالدولار الأمريكي.
ويقول الدكتور هشام إبراهيم إن عمليات التباطؤ دائما ما تصاحب رفع أسعار الفائدة حيث يفضل المستثمرون تخزين الأموال في الأوعية الادخارية التي تعطي فائدة أكبر من الاستثمار المباشر في الأسواق المحلية.
وأضاف إبراهيم أن المؤشرات الأساسية منذ بداية العام كانت تشير بوضوح إلى نية البنك الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة، وبالتالي فإن قرار رفع الفائدة على الشهادات الدولارية في مصر جاء متأخرا وكان من الممكن أن يكون بشكل أبكر من ذلك بهدف الحد من هروب الأموال الساخنة، على حد تعبيره.
ويرى إبراهيم أن الفكر السابق كانت لديه مخاوف من رفع سعر الفائدة على الشهادات الدولارية نظرا لأن تقليل الفارق بين الفائدة على الجنيه والفائدة على الدولار قد تضغط على الجنيه المصري لكن الظروف العالمية الآن تغيرت بشكل كبير.
وفقدت العملة المصرية نحو 24% من قيمتها منذ مارس، حيث وصل سعر الجنيه المصري إلى 19.7 دولار أمريكي يوم الاثنين.
ويرى الدكتور حسن الصادي أنه من المبكر الحكم على فاعلية هذا الإجراء حيث من الممكن أن يوفر بعضا من الدولارات، لكن الأنجع من ذلك هو التركيز على الإنتاج لخلق موارد دولارية مستمرة دون انقطاع ودون مخاوف والتمويل يجب أن يذهب لخلق المشاريع الصغيرة وتعظيم عمليات الإنتاج.
وتعطي آجال الشهادات الدولارية الجديدة، التي وفرتها البنوك للمستثمرين، مؤشرات على رؤية القائمين على البنوك لحركة الاقتصاد العالمية، حيث وضعت البنوك شهادات الادخار بالدولار بين سنة إلى ثلاث سنوات بحد أقصى.
وتراهن هذه التوقعات على انتهاء الحرب في أوكرانيا وعودة أسعار الفائدة للانخفاض، وذلك في حال انخفاض أسعار التضخم في العالم.