المسيح

هل الإيمان بالمسيح يسوع إيمان أعمى؟

من غير الممكن لنا أن نعرف إن كان الله موجودًا أو ما هي طبيعته إلا إذا أخذ هو المبادرة وكشف لنا عن نفسه. علينا أن نعرف صفاته وطبيعة سلوكه نحونا.

لنفترض أننا نعلم بأنه موجود، ولكنه مثل أدولف هتلر، متقلب وقاسي ومتحامل ومخيف… يا له من إدراك مرعب!!

علينا أن نمسح الأفق لنرى إن كانت هناك أية أدلة تشير لوجود الله. هناك دليل واضح… ففي قرية من قرى فلسطين قبل 2000 سنة ولد المسيح في أسطبل وحتى هذا اليوم يحتفل العالم أجمع بميلاده.

لقد عاش المسيح في هدوء حتى بلغ سن الثلاثين وبعدها بدأ في الخدمة العلنية والتي استمرت ثلاث سنوات وكانت خدمته مصممة لتغير مجرى التاريخ. لقد كان شخصًا لطيفًا وأصغى إليه عامة الناس بسرور.”لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان” (مت7: 29).

من هو يسوع المسيح
بعد فترة بدا بوضوح أنه يقدم تصريحات حول نفسه. تصريحات مذهلة تصدم من يسمعوه فقد عرّف نفسه بصورة تفوق المعلم أو النبي. وبدأ يقول بصراحة أنه هو الله. قد كانت هويته هي محور تعاليمه. وأن أهم سؤال كان يسأله للذين يتبعونه “من تظنون أني أنا” عندما أجاب بطرس قال: “أنت هو المسيح ابن الله” (مت16: 15–16) لم ينتهره يسوع ولم ينفي ما قاله بطرس بل على العكس فقد أكد ذلك مادحًا بطرس.

صرح يسوع المسيح بشكل علني أنه الله مما أثر ذلك على من هم حوله فيقول الكتاب المقدس: “فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضًا أن الله أبوه معادلاً نفسه بالله” (يو5: 18).

وفي مناسبة أخرى قال: “أنا والآب واحد” وبعدها أراد اليهود أن يرجموه فسألهم لأي عمل صالح تريدون أن تقتلوني فأجابوه: “لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهًا” (يو10: 33).

لقد صرّح يسوع بوضوح أنه يتمتع بصفات لا يملكها الاّ الله وحده.

عندما أتى رجل مشلول يريد من يسوع أن يشفيه “أخبره يسوع” يا ابني مغفورة لك خطاياك وقد أثر ذلك على القادة الدينيين الذين قالوا في قلوبهم “لماذا يتحدث هذا الرجل بهذه الطريقة إنه يجدّف الله وحده يمكن أن يغفر الخطايا”.

• وفي لحظة حرجة عندما كانت حياة يسوع على المحك سأله أحد القادة الدينيين:”أأنت المسيح ابن الله؟ فقال يسوع أنا هو وسوف تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة وآتيًا في سحاب السماء. فمزّق رئيس الكهنة ثيابه وقال ما حاجتنا بعد إلى شهود. قد سمعتم التجاديف” (مر14: 61-64).

(انظر يو8: 19؛ يو14: 7؛ يو12: 45؛ يو14: 9؛ يو14: 22؛ يو15: 23؛ يو5: 23).

ليس إيمانًاًأعمى “الاحتمالات الأربعة”
ونحن نواجه إدعاءات المسيح، هناك فقط أربعة احتمالات هي:

أما أنه كاذب أو مجنونًا أو أسطورة أو ما يقوله هو الحقيقة.

فإذا قلنا أنه ليس حقيقة فإننا إذًا نؤكد أحد البدائل الثلاث الأخرى تلقائيًا سواء أدركناها أم لا.

الاحتمال الأول:
أن يسوع كذب عندما قال عن نفسه أنه هو الله وأنه كان يعلَم أنه ليس الله، ولكنه خدع سامعيه عمدًا لإعطاء سلطة لتعاليمه. حتى من ينكرون لاهوته يؤكدون أنه كان معلمًا عظيمًا وهم لا يدركون أن في ذلك تناقض فكيف يكون معلمًا أخلاقيًا عظيمًا ويكذب بخصوص مسألة هامة مثل “من هو”؟

الاحتمال الثاني:

يقول أنه كان صادقًا في ما قاله، ولكنه كان هو نفسه مخدوعًا فقد كان يعتقد أنه هو الله. وفي أيامنا هذه نسمي شخص كهذا مجنونًا فهل كان المسيح كذلك؟. كلما نظرنا لحياة المسيح لا نرى دليلاً لوجود أية عيوب أو خلل في شخصه بل أننا نجد فيه أكبر اتزان تحت ضغوطات عظيمة.

الاحتمال الثالث:
وهو أن يكون كل ذلك أسطورة وأن تلاميذ المسيح أعجبوا بهذه القصة وكتبوها وتناقلوها عبر العصور. إن نظرية الأسطورة دحضت بشكل كبير حيث أن الاكتشافات تثبت بشكل حاسم أن البشائر الأربعة لحياة المسيح كتبت في أوقات معاصرة للمسيح. قال الدكتور وليم البرت أحد أشهر علماء الآثار في العالم: “لا يوجد هناك أي سبب لاعتقاد بأن أي من الأناجيل الأربعة قد كتبت في وقت بعد 70م.

للإيمان بشيء كهذا فإنه سوف يكون من العظيم أن يكتب أحدهم سيرة حياة جون كيندي ويدعي أنه هو الله وأنه يغفر للناس خطاياهم وأنه قام من بين الأموات؛ فإن قصة كهذه لن تكون مؤهلة بأن تصدق لأنه لا يزال هناك العديد من الناس ممن يعرفون كنيدي وسوف يعلمون بالتأكيد أن هذه أسطورة غير صحيحة كون تلك المخطوطات كتبت بعد وفاته.

الاحتمال الرابع والوحيد المتبقي:
هو أن المسيح كان يقول الحقيقة. لكن الادعاءات وحدها لا تعني الكثير وليست ذات أهمية. فهناك الكثيرون ممن ادعوا أنهم الله. يمكنك أن تدعي أنك الله ولكن السؤال الذي يجب الإجابة عليه هو على ماذا نبني ادعاءاتنا، لن يستغرق ذلك أكثر من 5 دقائق لتكتشف أن الادعاء كاذب ولن يكون ذلك صعبًا، لكن الأمر مختلف تمامًا عند يسوع الناصري فلقد أثبت أنه هو الله “ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ وأنا فيه” (يو10: 38).

أدلة من حياة يسوع المسيح
أولاً: شخصيته الأخلاقية ذات القيم تزامنت مع ادعاءاته.
أنه فريد ومتميز مثل الله. لقد كان المسيح بدون خطية وكان المسيح قادرًا على مواجهة جميع أعداءه والرد على أسئلتهم “من منكم يبكتني على خطية” (يو8: 46).
قرأنا عن تجربة يسوع المسيح في البريّة ولكننا لم نسمع أبدًا منه اعترافًا عن إثم إرتكبه بالرغم من أنه طلب من أتباعه أن يعملوا ذلك أي أن يطلبوا غفرانًا لخطاياهم.
إنه لأمر مذهل عدم وجود أي إحساس بالخطية عند المسيح “القريب من الله” فكلما اقترب الشخص من الله أدرك كم هو فاشل وخاطئ وهذا صحيح بالنسبة لأعظم الروحانيين والقديسين، ولكن ليس بالنسبة للمسيح.

حتى أن يوحنا وبولس وبطرس الذين يعلمون شمولية الخطية قالوا أن المسيح بلا خطية أو إثم “الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر” (1بط2: 22).

وحتى بيلاطس الذي لم يكن صديقًا للمسيح تسائل قائلاً: “وأي شرعمل؟”
والقائد الروماني الذي شهد موت المسيح على الصليب والجنود الذين كانوا معه قالوا: “حقًا كان هذا ابن الله” (مت27: 54).

ثانيًا: المسيح بين سلطانه على الطبيعة التي لا يستطيع إلا الله وحده التحكم بها.
استطاع يسوع أن يهدأ العاصفة بكلمة واحدة. “فخافوا خوفًا عظيمًا وقالوا بعضهم لبعض من هو هذا. فإن الريح أيضًا والبحر يطيعانه” (مر4: 41).

أطعم المسيح 5000 شخص في معجزة السمكتين والخمس خبزات. وأعاد للأرملة ابنها الوحيد بإقامته من بين الأموات، وأعاد الفتاة أيضًا من الموت إلى حضن أباها المنهار. والعظيم في هذا الأمر أنه حتى أعداء المسيح لا ينكرون حدوث هذه المعجزات مع العلم أنهم حاولوا قتله وقالوا: “إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأمتنا” (يو11: 48).

ثالثًا: أظهر يسوع قوة الخالق وسلطانه على الأمراض والمرضى.
حيث جعل الكسيح يمشي والأصم يتكلم والأعمى يُبصر ومعظم آيات الشفاء كانت لأمراض خلقية وليست عرضية مثل تلك التي نجدها في يوحنا 9 والتي تتحدث عن الرجل الأعمى منذ ولادته. لقد كان هذا الرجل مذهولاً فعلاً ويقول أن كل ما يعرفه هو أنه كان أعمى و الآن أبصر. لقد كان يسوع الإله الشافي الذي يفتح عيون العمي (يو9: 25–32).

رابعًا: الدليل الرائع الذي يثبت صحة ادعاء المسيح الألوهية هي قيامته من بين الأموات.
تنبأ يسوع خمس مرات بموته وتنبأ أيضًا كيف أنه سيموت ويقوم من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من صلبه وأنه سوف يظهر لتلاميذه. بالتأكيد فإن هذا يُعد أعظم دليل على أن يسوع المسيح هو الله الظاهر في الجسد.

جميع أصدقاء يسوع وأتباعه وحتى أعداءه شهدوا على قيامته من الأموات ليكون ذلك كأساس لإيمانهم. لقد كتب بولس أعظم الرسل وشهد عن ذلك ولو لم يقم يسوع من الموت لكان لا معنى لإيماننا (1كو15: 14) بنى بولس الرسول كل المسيحية على قيامة المسيح الجسدية من الموت، وهذا أعظم حدث في التاريخ.

وبما أن المسيح قد قام فعلاً من الموت فنحن بالتأكيد نعلم بثقة وإيمان أن الله فعلاً موجود ولذا يمكننا أن نتعرف عليه وعلى شخصه وعلى كيفية التواصل معه.

هل كانت قيامة المسيح مجرد قصة؟
فسر الناس ذلك بأن ما حدث هو أن التلاميذ سرقوا جسد يسوع (مت28: 11–15) لدينا سجلات عن ردة فعل الحكام والقادة عندما علموا بإختفاء جسد يسوع فقد قدموا المال للحراس وأخبروهم أن يدّعوا أن التلاميذ قد سرقوا جسد يسوع فيما هم نيام، هذه القصة كانت كاذبة حتى أن متّى البشير لم يضيع وقته في إنكارها لأنها كذبة واضحة جدًا.

فتخيل نفسك أمام قاضي في المحكمة تقول بأن جارك قد دخل منزلك وسرق جهاز التلفاز وأنت نائم فإن جميع من في المحكمة سوف يضحكون عليك.

إضافة إلى ذلك نحن نواجه استحالة نفسية وأخلاقية هنا، إن سرقة جسد المسيح ليست من صفات التلاميذ وليس مما عرفناه عنهم. إن هذا يعني ارتكاب جرائم متعددة من الأكاذيب والخداع ومن غير المعقول أن يكون بعض التلاميذ قد تآمروا لسرقة جسد المسيح.

واجه كل واحد من التلاميذ نوعًا من أنواع التعذيب والبعض قد استشهد لتصريحهم بمعتقداتهم وعدم إنكارهم لحقيقة القيامة. وبالتأكيد ما كانوا ليضحوا بحياتهم من أجل شيء غير حقيقي فلن يموتوا من أجل كذبة، إن كان التلاميذ حقيقة قد أخذوا جسد المسيح أو أن المسيح ما زال ميتًا لواجهنا صعوبة وهي تفسير ظهوره بعد صلبه وموته على الصليب.

فرضية أخرى: إن السلطات الرومانية واليهودية أخذت جسد المسيح، ولكن لماذ؟ ما الهدف؟ فقد وضعوا حراس على باب القبر فلماذا سيخفون الجسد؟ وماذا عن الصمت الذي حلّ على السلطات عندما علموا أن الجسد قد اختفى؟ وماذا عن مواجهتهم ومقاومتهم التبشير بقيامة المسيح في أورشليم. لقد حاول القادة كل ما بوسعهم ليمنعوا انتشار خبر قيامة المسيح من بين الأموات وقبضوا على بطرس وعلى يوحنا وصدوهم في محاولة لإغلاق أفواههم.

ولكن كان هناك حل صغير للمشكلة (إذا كانوا هم من أخذ جسد المسيح) وهو رمي الجسد في شوارع أورشليم وحينئذ تنتهي المسيحية لكن هذا لم يحدث لأنهم لم يسرقوا الجسد فالمسيح قد قام.

هناك نظرية أخرى مشهورة أن النساء أخفقوا وتاهوا عن القبر في عتمة الصباح وذهبوا إلى قبر آخر. هذه النظرية تسقط مثل سابقاتها فإن كان النساء قد أخطأن فهل من الممكن أن يخطأ أيضًا الكهنة والأعداء ويذهبوا أيضًا إلى نفس القبر الخطأ ويجدونه فارغًا أو حتى بطرس ويوحنا هل يمكن أن يكونا قد ارتكبا نفس الخطأ!! بالتأكيد فإن يوسف الرامي مالك القبر كان ليحل المشكلة ويجب أن نتذكر أنه كان مدفنًا خاصًا وليس عامًا. ولم يكن هناك قبر قريب من ذلك القبر حتى يخطأ الناس بالذهاب إليه.

نظرية الإغماء
تقول هذه النظرية أن المسيح لم يمت فعلاً على الصليب بل أغمى عليه فقط من جراء التعب والألم ومن الدم الذي فقده وعندما وضع في مكان بارد مثل القبر صحا واسترد وعيه وظهر للتلاميذ بعد خروجه من القبر، وقد ظهرت هذه النظرية في نهاية القرن الثامن عشر.

دعونا نفترض لوهلة أنها صحيحة وأن المسيح قد دفن حيًا من دون طعام أو شراب أو أي نوع من العناية فكيف سيكون قادرًا بعدها أن يدحرج الحجر الثقيل ويعبر بجانب الحرس ويمشي لأميال وقدماه مدقوقة بالمسامير!!

إن النظرية الوحيدة التي تفسر القبر الفارغ هي قيامة المسيح الفعلية من بين الأموات.

ما الذي يعرضه يسوع المسيح عليك:
يسوع المسيح قد قام من الموت وأثبت أنه هو الله وهو حي اليوم بالتأكيد. وهو مستعد لأن يكون أكثر من معبود فهو يريد أن يدخل إلى حياتك.

قال يسوع: “هأنذا واقف على الباب وأقرع، إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه.” (رؤيا 3: 20).

قال يسوع: “أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل” (يو10: 10).

ولأن يسوع المسيح مات على الصليب ليحمل عنا كل آثامنا فهو يعرض عليك المغفرة والقبول لتكون على علاقة حقيقية معه الآن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى