منوعات

هل العقيدة المسيحية نسبية؟ وهل لا نملك الحقيقة المطلقة؟؟

قال أستاذ لاهوت فى أحد كتبه: جاء عصر التنوير وكشف للإنسان أنه وقع فى وهم امتلاك الحقيقة المطلقة

وقال آخر: يخطئ من يزعم بامتلاك الحقيقة المطلقة كما قال أحد الفلاسفة رأيي صواب يحتمل الخطأ. ورأى غيرى خطأ يحتمل ال

والادعاء بعدم امتلاك الحقيقة المطلقة يقوم على “النسبية”. فما هى النسبيّة؟

إننا نعيش عصر ما بعد الحداثة. وعصر الحداثة يقول بوجود الحق المطلق. أما عصر ما بعد الحداثة، فيقول لا يوجد من يمتلك الحق المطلق لاسيما فى أمور الدين

وللتوضيح أذكر مثلاً حدث معي بالفعل

قلت لقسيس ليبرالي تحرري: (ألم يقل الكتاب إنه ليس بأحد غيره الخلاص؟) فقال لي: قد يكون رأيك صوابًا، لكنه يحتمل الخطأ، وقد يكون رأيي  خطأ، لكنه يحتمل الصواب. فالحقيقة أنه “ليس بأحد غيره الخلاص”،  بالنسبة لك. والحقيقة أيضًا أنه ليس كذلك بالنسبة لي، فلا يوجد أي منا يمتلك الحق المطلق

وكان ردى عليه: (أنا لا أصدق كلامك هذا لأنه لا يمثل الحقيقة لأنك لا تمتلك الحقيقة باعترافك أنت، كما أن النسبية قد تكون فى مجال اختيار الطعام، فتقول: “إن المانجو أحلى فاكهة بالنسبة لي، أما العنب فإنه أحلى فاكهة بالنسبة لك”، ولكن فى موضوع الحق لا توجد أى نسبية، فالحق واحد ومطلق

ولنبين بطلان براهين أصحاب النسبية القائلين بأن العقائد المسيحية نسبية

أولاً: يقولون: أنت نسبى والله مطلق لذلك، فالنسبى لا يمكن أن يمتلك المطلق

الرد: لقد فاتهم أن المطلق قد أعلن ذاته للنسبي في شخص المسيح، الذى قال إنه (الحق) وبرهن على ذلك بأقواله وأفعاله الفائقة وصفاته الأدبية الإلهية وتأثيره في الأفراد والمجتمعات.

ثانيًا: يقولون: إن المدعين بامتلاك الحق المطلق يدعون أن لهم إلمامًا كاملاً بكل ما تعلق بالله وهذا محال!

الرد: إنه ادعاء كاذب فإن “السرائر للرب إلهنا والمعلنات لنا ولبنينا” (تث 29:29)، “فالحق الذى نؤمن به وإن كان يمكن أن نسميه الحق المطلق، إنما يعتمد على إعلان الله ذاته لنا فى المسيح يسوع، كما نجد سجلاً له فى كتابنا المقدس، فنحن نمتلك الحق المطلق بالمقدار الذى أعلنه لنا الكتاب المقدس

ثالثًا: يقولون: إن الادعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة، إنما هو عين الغرور

الرد: إن أكد مدرس الرياضيات أن 2+2=4 وقال إنها حقيقة أكيدة، فهل فى هذا غرور؟

إن أصحاب النسبية وصل بهم الحد أن يقولوا إنه لا يوجد من يمتلك حقيقة مطلقة حتى فى أمور العلم، فلا نستطيع أن نؤكد مثلاً حقيقة الجاذبية الأرضية، فكل شئ نسبى

رابعًا: يقولون: إن المنادين بامتلاك الحق المطلق يقودهم ذلك إلى كراهية المخالفين لهم فى العقيدة ثم يقودهم إلى التشدد، فالإرهابيون لم يكونوا إرهابيين إلا بسبب اعتقادهم أنهم يمتلكون الحق المطلق

الرد: إن قلنا إن الرب يسوع المسيح هو الحق المطلق، فإن من يمتلك الحق المطلق الذى هو المسيح يمتلك الحب المطلق

وللنسبية نتائج خطيرة مدمرة تتضح فيما يأتى

أولاً: إن كان كل شئ نسبى، فلا نستطيع الاعتراف بأي حقيقة إيمانية ولا بعصمة الكتاب المقدس ووحيه وسلطانه الإلهى ولا تستطيع الكنيسة أن تحكم على أى هرطقة ضد الحق الإلهى

ثانيًا: لا نستطيع بناء على النسبية الفصل بموضوعية بين ادعاءات الحق المتنافسة، فلا نستطيع مثلاً أن نقرر أيهما على حق عباد الله أم عباد الشيطان لأنه لا يوجد مقياس يمكن استخدامه، ذلك لأنه لا يوجد أحد يمتلك الحقيقة المطلقة

ثالثًا: النسبية إلغاء لأبسط قواعد العقل والمنطق، فإذا قلنا إن فى الثلاجة زجاجة لبن بالنسبة لك وليس بها زجاجة لبن بالنسبة لى فالأمر كله نسبى! لكن فى واقع الأمر توجد حقيقة موضوعية مؤكدة وهى وجود اللبن أو عدم وجوده

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى