د. ناجي يوسف
ما من شك في أن المتابع لما يحدث في العالم من حولنا، وخاصةً بين إيران وإسرائيل، لا بد وأن يمتلئ رأسه بعشرات الأسئلة التي لا يجد إجابات إلا للقليل جدًا منها بالرغم من أن القنوات التليفزيونية والإذاعية لا كلام لها في هذه الأيام إلا عن إسرائيل وإيران والحرب بينهما. لكن بالرغم من الكم الهائل من المعلومات والتحليلات والأسباب والمسببات لما يحدث بين الدولتين، لم يتطرق أحد، على الإطلاق، للبحث عن الأصل والسر الخفي وراء العداء بين إيران وإسرائيل، وخاصةً من الناحية الروحية الإلهية المسيحية التوراتية، فربما إن عُرف هذا السر لاستطاعت الدول والحكومات التقريب بين وجهة نظر الدولتين المتصارعتين وتمكنتا من حل المشاكل بينهما، وساعدنا هذا على تجنب شعوبنا وأرضنا ويلات الحروب والكروب.
ولقد قررتُ أن أبحث أنا بنفسي عن السر الخفي للعداء بين إيران وإسرائيل، قررتُ ذلك عندما لم أجد أيًا من الإذاعات أو التليفزيونات ومقدمي البرامج والسياسيين والعسكريين أو حتى القسوس والقادة المسيحيين المؤمنين بالمسيح، والذين من المفترض أن أغلبهم، إن لم يكن كلهم، قد تمتعوا بسُكنى الروح القدس داخلهم وبالتالي تمتعوا بالحصول على مواهبه الروحية، تبارك اسمه، وخاصةً موهبة تمييز الأرواح وكلام العلم وكلام الحكمة والتي بها مجتمعة، أي بهذه المواهب الروحية، يمكنهم فهم وتمييز واكتشاف السر الخفي وراء العداء بين إسرائيل وإيران. وعندها سيكون من السهل على المؤمنين بالمسيح التعامل مع القادة والرؤساء وشرح ما خفي عنهم في عالم الروح لإنهاء حالة الحرب والصراع الدائم بين إيران وإسرائيل والمعسكرين المساندين لكل منهما وتجنيب الأرض شر وويلات الحروب.
لذا قررتُ أن أسأل الذكاء الاصطناعي عن السر، فكتبتُ له السؤال التالي: ما هو سر العداء بين إيران وإسرائيل، فأجابني (وأنا هنا اقتبس إجابته بالحرف الواحد). كتب لي الذكاء الاصطناعي ما يلي:
سر العداء بين إيران وإسرائيل معقَّد ويجمع بين عوامل دينية، سياسية، وأيديولوجية وجيوسياسية. ويمكن تلخيصه في النقاط التالية:
1- التحول بعد الثورة الإسلامية في إيران (1979): قبل الثورة، كانت إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي على علاقات طيبة وغير معلنة مع إسرائيل. وبعد الثورة الإسلامية بقيادة الخميني، أصبحت إيران دولة معادية لإسرائيل أيديولوجيًا، واعتبرتها “غدة سرطانية” يجب إزالتها.
2- البعد الديني والأيديولوجي:
النظام الإيراني يتبنى خطابًا ثوريًا شيعيًا يعتبر إسرائيل كيانًا غير شرعي. إيران تدعم القضية الفلسطينية وتعتبر نفسها زعيمة “محور المقاومة” ضد “الاستكبار العالمي”، وتضع إسرائيل في قلب هذا المحور باعتبارها “أداة الغرب” في المنطقة. وتستثمر إيران في دعم حزب الله في لبنان، وحماس والجهاد الإسلامي في غزة، وهم في مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل.
3- صراع النفوذ في المنطقة:
إيران تسعى لتوسيع نفوذها في سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن، وغزة. وإسرائيل ترى هذا التوسع تهديدًا مباشرًا، خاصةً الوجود الإيراني العسكري في سوريا، على حدودها الشمالية. لذا شنت الطائرات الإسرائيلية مئات الغارات على مواقع إيرانية أو تابعة لها في سوريا.
4- الملف النووي الإيراني:
إسرائيل ترى في البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا، لذا فهي تعارض أي اتفاق نووي بين إيران والغرب لأنه قد يسمح لطهران بالحصول على سلاح نووي مستقبلًا. ويُعتقد أن إسرائيل نفذت عمليات اغتيال علماء نوويين إيرانيين وهجمات إلكترونية (مثل فيروس”Stuxnet”) لإبطاء تقدم البرنامج النووي.
5- الصراع في الظل (الحرب غير المعلنة):
هناك حرب سيبرانية واستخباراتية بين البلدين. وتشمل هذه الحرب اغتيالات، واختراقات إلكترونية، وتفجيرات، وهجمات على السفن في الخليج.
6- التحالفات الإقليمية:
إسرائيل طورت علاقات مع خصوم إيران الإقليميين مثل السعودية والإمارات. وهذا يزيد من التوتر، لأن إيران ترى في هذه التحالفات حصارًا لنفوذها الإقليمي.
الخلاصة: العداء بين إيران وإسرائيل ليس مجرد خلاف سياسي، بل هو صراع أيديولوجي وعسكري وجيوسياسي مستمر، يتمدد على أراضٍ متعددة (لبنان، سوريا، العراق، اليمن، غزة)، ويتضمن أدوات متعددة من الدعم المالي والتسليحي إلى الاغتيالات والحروب السيبرانية.
وبالرغم من كل الإجابات السابقة التي حصلتُ عليها من الذكاء الاصطناعي، وهي إجابات وحقائق سليمة، وموثقة إلا أنني أرى أن إجابة الذكاء الاصطناعي بالرغم من شموليتها ودقتها ناقصة وغير كاملة، خاصةً وأنها لم تذكر “السر الخفي وراء العداء بين إيران وإسرائيل”. والحقيقة أنا لا ألوم الذكاء الاصطناعي على إجابته الناقصة لأن الذكاء الاصطناعي ليس دينيًا أو مسيحيًا وغير مطلع أو عالم بالأمور المسيحية الروحية المعلنة في كتاب الله الوحيد، التوراة والإنجيل. وأنا لا ألومه أيضًا، حيث إنه لا هو ولا حتى الغالبية العظمى من القسوس والقادة رجال الله القديسين المسيحيين يفقهون أو يعقلون أو يفكرون ويبحثون ليجدوا ويعرفوا السر الخفي وراء العداء بين إيران وإسرائيل، بالرغم من أن هذا السر مكتوب عنه بكل وضوح في سفر دانيال والإصحاح العاشر منه، في طيات تلك الحادثة الشهيرة، قال نبي الله دانيال الذي كان هو بطلها إنه صام وصلى ثلاثة أسابيع حتى يعلن له المولى تبارك اسمه زمن سبيه وسبي أصحابه حنانيا وميشائيل وعزاريا وسبي كل شعبه إسرائيل بواسطة نبوخذ نصر ملك بابل، صلى دانيال ثلاثة أسابيع أيام ليريه الله تبارك اسمه “ما لا بد أن يصير مع شعبه”، لكن الإجابة لصلاته لم تأته لمدة هذه الثلاثة أسابيع إلى أن جاءه المرسل من الله. وعن ذلك، يدون دانيال في سفره: “فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَا دَانِيآلَ كُنْتُ نَائِحًاً ثَلاَثَةَ أَسَابِيعِ أَيَّامٍ لَمْ آكُلْ طَعَامًا شَهِيًّا وَلَمْ يَدْخُلْ فِي فَمِي لَحْمٌ وَلاَ خَمْرٌ وَلَمْ أَدَّهِنْ حَتَّى تَمَّتْ ثَلاَثَةُ أَسَابِيعِ أَيَّامٍ. وَفِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ الأَوَّلِ إِذْ كُنْتُ عَلَى جَانِبِ النَّهْرِ الْعَظِيمِ هُوَ دِجْلَةُ. رَفَعْتُ وَنَظَرْتُ فَإِذَا بِرَجُلٍ لاَبِسٍ كَتَّانًا وَحَقَوَاهُ مُتَنَطِّقَانِ بِذَهَبِ أُوفَازَ وَجِسْمُهُ كَالزَّبَرْجَدِ وَوَجْهُهُ كَمَنْظَرِ الْبَرْقِ وَعَيْنَاهُ كَمِصْبَاحَيْ نَارٍ وَذِرَاعَاهُ وَرِجْلاَهُ كَعَيْنِ النُّحَاسِ الْمَصْقُولِ وَصَوْتُ كَلاَمِهِ كَصَوْتِ جُمْهُورٍ. وَقَالَ لِي: [يَا دَانِيآلُ أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمَحْبُوبُ افْهَمِ الْكَلاَمَ الَّذِي أُكَلِّمُكَ بِهِ وَقُمْ عَلَى مَقَامِكَ لأَنِّي الآنَ أُرْسِلْتُ إِلَيْكَ].وَلَمَّا تَكَلَّمَ مَعِي بِهَذَا الْكَلاَمِ قُمْتُ مُرْتَعِدًا. فَقَالَ لِي: [لاَ تَخَفْ يَا دَانِيآلُ لأَنَّهُ مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ الَّذِي فِيهِ جَعَلْتَ قَلْبَكَ لِلْفَهْمِ وَلِإِذْلاَلِ نَفْسِكَ قُدَّامَ إِلَهِكَ سُمِعَ كَلاَمُكَ وَأَنَا أَتَيْتُ لأَجْلِ كَلاَمِكَ. وَرَئِيسُ مَمْلَكَةِ فَارِسَ وَقَفَ مُقَابِلِي وَاحِدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَهُوَذَا مِيخَائِيلُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ الأَوَّلِينَ جَاءَ لِإِعَانَتِي وَأَنَا أُبْقِيتُ هُنَاكَ عِنْدَ مُلُوكِ فَارِسَ. وَجِئْتُ لِأُفْهِمَكَ مَا يُصِيبُ شَعْبَكَ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ لأَنَّ الرُّؤْيَا إِلَى أَيَّامٍ بَعْدُ].”
وعندها فهم نبي الله دانيال أن السر الخفي وراء العداء بين شعبه وملوك فارس التي هي إيران اليوم هو رئيس مملكة فارس، وأن هذا الكائن هو روح شرير ينتمي إلى مملكة الظلمة التي يرأسها الشيطان العدو الأعظم للمولى تبارك اسمه وهو المسئول عن كل ما يحدث في مملكة فارس وإيران من قتل وكراهية وبغضه ومؤامرات واعتداءات وحروب وغيرها وما يحدث في هذه المنطقة منذ أن كُشف هذا السر لدانيال إلى اليوم. ومما يدل على أن هذا الكائن الشرير رئيس مملكة فارس هو روح وليس مجرد بشر:
أ- ما أعلنه لنا الوحي “إِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ (الذين منهم رئيس مملكة فارس)، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.”
ب- أن مَنْ أرسله الله ليخبر دانيال عما كان يصلي به كان ملاكًا، أي كائن روحي كما يدل عليه منظره والأوصاف التي كتبها دانيال عنه، ولا بد أن يكون مَنْ وقف قبالته وأعاقه كملاك عن توصيل رسالته هو كائن روحي شيطاني.
ج- أن مَنْ جاء ليساعده كان ميخائيل الملاك الرئيس.
د- أنه رئيس في مملكة، فلو كان الوحي يتكلم عن ملك ارضي لما أطلق عليه وصف “رئيس” بل كان استخدم كلمة “ملك” بدل “رئيس” فيقول “وملك مملكة فارس” لكنه قال: “رئيس مملكة فارس”.
والسؤال القديم الجديد الذي يطرح نفسه هو: لماذا استعبدت مملكة فارس شعب إسرائيل؟ كيف بدأ العداء بينهما؟ لماذا ذهب نبوخذ نصر وسبى الشعب اليهودي وبعده تعاقب ملوك فارس؟ لماذا إن لم يكن مَنْ فعل كل هذا هو روح شيطاني؟ فمن هو صاحب المصلحة في أن يحاصر المدن ويفتحها بعد غزوات ومحاربات، ويأخذ شبانها الحسان من بيوتهم وبلادهم ويأتي بهم إلى مملكته، ويجبرهم على أن يأكلوا من أطايب الملك وخمر مشروبه، ويسجدوا لتمثال عمله هو لنفسه، وإن لم يعبدوا ما يعبد ألقى بهم في أتون نار مُحمى سبعة أضعاف؟ مَنْ هو الذي أجبر الناس على تغيير لغاتهم وفرض عليهم لغته هو كمستعمر غازٍ فاتح لبلادهم؟ مَنْ هو الذي دمر بيت الله في الأرض الذي كان يعبد فيه اليهود إلههم وأخذ السبايا والغنائم؟ هل كان نبوخذ نصر الملك يعمل كل هذا من عندياته أم كان يسيطر عليه روح رئيس مملكة فارس الشرير الذي هو ضد كل ما هو إلهي وكل ما يخص شعب الله الحقيقي يهوه القدير؟ ألا يشبه اليوم البارحة؟ أليس هذا ما عمله وما زال يعمله روح ضد المسيح مع شعبه إسرائيل في القديم وشعبه المسيحي في الحديث؟ ألا يجب بالمنطق البشري المجرد والسليم التفكير محاولة إيجاد إجابة للسؤال التالي: ما هو السر الخفي وراء العداء بين إيران وإسرائيل؟ فإسرائيل الحديثة لم تبدأ أبدًا بالاعتداء على أي من الشعوب على وجه البسيطة وخاصةً على شعب إيران، فلماذا تعاديها معظم الأقطار الإسلامية في العالم كله؟ إسرائيل لم تبدأ بالاعتداء على الفلسطينيين بل منحت مَنْ أراد منهم الجنسية الإسرائيلية، أولئك المعروفين بعرب 48، وإسرائيل لم تهاجم حفل موسيقي وتسبي المئات ممن كانوا به بل الفلسطينيون فعلوا، وإسرائيل لم تتحرش ولم تعتدِ على إيران أبدًا من قبل في أيام الشاه، فلماذا بدأت الكراهية لإسرائيل مع الثورة الإسلامية؟ ولماذا تكره إيران إسرائيل وتعمل ليلًا ونهارًا لتدميرها إن استطاعت إلى ذلك سبيلًا. لماذا كره الخوميني مفجر الثورة الإسلامية الشيعية إسرائيل؟ ثم لماذا يكره المسلمون إسرائيل ويصف كتابهم اليهود بالقردة والخنازير والمغضوب عليهم؟ ولماذا تخلت البلاد الإسلامية جميعها عن إيران ولم تساندها حتى بالكلام فقط في حربها مع إسرائيل؟ لماذا لم تستخدم باكستان وغيرها أسلحتها النووية في هذه الحرب القائمة اليوم بين إسرائيل والدول العربية كما دأبت على تهديد إسرائيل؟
خلاصة القول هي إننا إن أردنا أن تخمد الثورات الإسلامية والاعتداءات الدولية من الدول الإسلامية على أهلها ومواطنيها وعلى بلاد غيرها، وإن أردنا أن تكف إيران عن محاولة الحصول على قنبلة نووية فلا بد أن نفهم أن مَنْ يحركها من وراء الستار هو روح رئيس مملكة فارس الشرير، ولا بد أن تفهم إيران والدول الإسلامية أن محاربة هذا الروح الشرير لا يمكن أن يكون إلا بالأسلحة الروحية المسيحية الإلهية القادرة بالله على هدم حصونه، ولا بد أن يكون للكنيسة عامة، والكنيسة المصرية خاصةً، حيث إنها الأكبر عددًا والرائدة في نشر الحياة المسيحية في العالم العربي، دورها في كشف هذه الأرواح الشريرة التي تسيطر على أحداث العالم كله اليوم ومقاومتها، فإن الكنيسة هي جسد المسيح، الله الظاهر الذي حل بيننا، على الأرض. وإن لم تعرف الكنيسة دورها في نشر العدل والسلام والمحبة والصلاة لأجل القادة والرؤساء والصوم والتذلل أمام الله، كما فعل دانيال، فسيظل رئيس مملكة فارس وغيره من الرؤساء الأبالسة المكلفين من الوسواس الخناس للسيطرة على العالم أجمع في تخفٍ وكأنهم ليسوا بموجودين، وسيعملون من وراء الستار وسيدمرون العالم ويضطهدون شعبه حيثما وجد. ليت الكنيسة تستطيع أن تشخِّص الداء وتصف الدواء لعالم مريض إلى أن يأتي المسيح ويعتق الخليقة كلها من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله. ليت الكنيسة تدرك وتتعامل مع السر الخفي وراء العداء بين إيران وإسرائيل وكل العالم. اللهم إني قد أبلغتُ، اللهم فاشهد، اللهم آمين يا رب العالمين.