هذا الصرح الذي يُعرف دوليًا بـ grand egyptian museum، يمثل تتويجًا لسنوات طويلة من العمل الدؤوب، ليصبح أيقونة جديدة تعبر عن عظمة الحضارة المصرية القديمة وريادتها الإنسانية عبر العصور.
المتحف يقع على بُعد كيلومترين فقط من إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم -الهرم الأكبر والمعروف بهرم الملك خوفو- ليكون بذلك المتحف المصري بالهرم، وليشكل نقطة التقاء حضارية فريدة تربط الماضي بالحاضر.
الهدف من هذا المتحف، الذي يوصف بكونه أكبر متحف للآثار في العالم، لا يقتصر فقط على العرض، بل يهدف إلى إطلاق “عصر ذهبي جديد لعلم المصريات والسياحة الثقافية”.
محتويات المتحف الكبير: كنوز الحضارة في عرض متكامل
يضم المتحف المصري الجديد نحو 100 ألف قطعة أثرية تغطي قرابة سبعة آلاف عام من تاريخ مصر، بدءًا من عصور ما قبل الأسرات وحتى نهاية العصرين اليوناني والروماني.
يركز العرض المتحفي على رواية الحضارة المصرية القديمة بشكل متسلسل، متفاديًا “الفوضى والإرباك” الذي كان يعيب زيارة المتحف القديم، وفقًا لسائحة بريطانية زارت المتحف سابقًا في التحرير.
مقتنيات توت عنخ آمون في المتحف الكبير: الكنز يكتمل
إن عامل الجذب الرئيسي والأكثر أهمية في المتحف هو المحتويات الكاملة لمقبرة الملك الصبي توت عنخ آمون.
هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عرض الـ 5500 قطعة أثرية الخاصة بالملك الصبي مكتملة في مكان واحد.
وتشمل مقتنيات توت عنخ آمون في المتحف الكبير أيقونات خالدة مثل قناع الملك الذهبي المذهل، والعرش، والعربات الحربية، ودرعه المثير للإعجاب المصنوع من المنسوجات والجلد، الذي خضع لأعمال ترميم دقيقة على أيدي المرممين المصريين.
إلى جانب كنوز توت عنخ آمون، تضم معروضات المتحف المصري الكبير تحفًا ضخمة تجسد عظمة الحضارة:
تمثال رمسيس الثاني: يبلغ ارتفاعه 11 مترًا ويزن نحو 83 طنًا، وقد تم نقله من موقعه القديم بالقرب من محطة سكك حديد القاهرة عام 2006 بعملية معقدة، هذا التمثال يستقبل الزوار في البهو العظيم.
المسلة المعلقة: يبلغ طولها 16 مترًا وتعود إلى الفرعون رمسيس الثاني (عمرها 3200 عام)، وهي أول مسلة معلقة يتم عرضها على الإطلاق.
مركب خوفو الجنائزي: السفينة الخشبية التي يبلغ عمرها 4500 عام، وتُعد إحدى أقدم السفن المحفوظة في التاريخ القديم، تم عرض المركب بشكل جديد ومبهر.
الدَّرَج العظيم (Grand Staircase): يمثل قلب المتحف، ويصطف إلى جانبيه تماثيل عملاقة لملوك وملكات قدماء آخرين، ويوفر للزوار رحلة زمنية صاعدة عبر العصور، وقد تم افتتاح الدرج بشكل جزئي في عام 2023.
أسرار تصميم المتحف المصري الكبير وربطه بالحضارة
المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى، بل هو عمل فني وهندسي ضخم استغرق بناؤه أكثر من 20 عامًا، بتكلفة تجاوزت 1.2 مليار دولار.
تبلغ مساحته الإجمالية 500 ألف متر مربع، وقد تم تشييده على مساحة أرض تبلغ 117 فدانًا بالقرب من أهرامات الجيزة.
أبرز محطات إنشاء المتحف المصري الكبير:
1992: تخصيص مساحة الأرض (117 فدانًا) بالقرب من الأهرامات.
2002: وضع حجر الأساس للمشروع.
2003: اختيار شركة “هينيجان بنج” المعمارية الأيرلندية لتصميم المتحف بعد فوزها في مسابقة عالمية.
2005 – 2008: انطلاق أعمال الإنشاء.
2010: افتتاح مركز الترميم بالمتحف، ليصبح مركزًا عالميًا لحفظ وصيانة الآثار.
2020: وصلت نسبة إتمام البناء إلى 97% رغم تحديات الجائحة العالمية.
2021: اكتمال البنية التحتية الرقمية للمتحف بنسبة 90%، مما يجعله مركزًا حديثًا للتكنولوجيا والتراث.
2024: إقامة الافتتاح الجزئي للقاعات الرئيسة قبل الافتتاح الكامل.
كيف يربط المتحف الكبير الماضي بالحاضر؟
التصميم الفريد للمتحف يجمع بين عظمة الحضارة المصرية القديمة وأحدث تقنيات العرض المتحفي الحديث.
تمثل الواجهة الخارجية للمتحف نسيجًا من النقوش الهيروغليفية وحجر المرمر الشفاف المقطّع على شكل مثلثات، مع مدخل على شكل هرم، مما يحقق التكامل البصري مع الأهرامات.
والأهم هو النافذة الضخمة في الطابق العلوي التي توفر إطلالة رائعة ومباشرة على أهرامات الجيزة، لربط التجربة المتحفية بالمعلم الأصلي للحضارة.
موعد فتح المتحف المصري الكبير أمام الجمهور
وفقًا لما أعلنته وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن المتحف المصري الكبير سيفتح أبوابه رسميًا أمام الزوار والجمهور يوم الثلاثاء 4 نوفمبر 2025، عقب انتهاء مراسم الافتتاح الرسمي والفعاليات الثقافية والفنية التي ستصاحب هذا الحدث التاريخي، والتي تتضمن عروضًا بصرية وموسيقية ضخمة تروي تاريخ مصر القديمة وتُبرز دور الحضارة المصرية في تشكيل هوية العالم الثقافية.
وأكدت الوزارة أنه تم إغلاق المتحف مؤقتًا أمام الجمهور اعتبارًا من 15 أكتوبر الجاري وحتى 4 نوفمبر المقبل، وذلك للانتهاء من كافة أعمال التجهيز الأخيرة التي تشمل الترتيبات الأمنية، والتنسيق اللوجيستي، وتركيب أنظمة العرض الحديثة، إلى جانب تجهيز القاعات التفاعلية والمناطق التجارية والمطاعم الجديدة التي أُضيفت في التصميم النهائي للمتحف.
أسعار الجولات الإرشادية بالمتحف المصري الكبير
كشفت وزارة السياحة والآثار عن أسعار الجولات الإرشادية داخل المتحف المصري الكبير، والتي تم تحديدها بما يتناسب مع الفئات المختلفة من الزوار سواء من المصريين أو العرب أو الأجانب المقيمين وغير المقيمين، وجاءت الأسعار الرسمية كالتالي:
– المصريون (بالغون): 350 جنيهًا
– المصريون (طلاب/أطفال/كبار السن): 175 جنيهًا
– العرب والأجانب (بالغون): 1700 جنيه
– العرب والأجانب (طلاب/أطفال): 850 جنيهًا
– العرب والأجانب المقيمون (بالغون): 850 جنيهًا
– العرب والأجانب المقيمون (طلاب/أطفال): 425 جنيهًا
أما بالنسبة لأسعار تذاكر الدخول العامة، فقد جاءت على النحو التالي:
– المصريون (بالغون): 200 جنيه
– المصريون (طلاب/أطفال/كبار السن): 100 جنيه
– العرب والأجانب (بالغون): 1200 جنيه (أي ما يعادل 25 دولارًا)
– العرب والأجانب (طلاب/أطفال): 600 جنيه
– العرب والأجانب المقيمون في مصر (بالغون): 600 جنيه
– العرب والأجانب المقيمون في مصر (طلاب/أطفال): 300 جنيه
يمكن للراغبين في زيارة المتحف حجز تذاكرهم إلكترونيًا عبر الموقع الرسمي: visit-gem.com/ar/AdmissionTkt باتباع خطوات بسيطة تشمل اختيار تاريخ الزيارة، وتحديد نوع التذكرة، وإدخال البيانات الشخصية.
كيفية الوصول إلى المتحف الكبير في مصر
عملت الدولة خلال السنوات الأخيرة على تنفيذ شبكة طرق جديدة تربط المتحف المصري الكبير بجميع محافظات الجمهورية، لتسهيل الوصول إليه من مختلف الاتجاهات.
ويمكن الوصول للمتحف من خلال عدد كبير من الطرق الرئيسية، منها:
الطريق الدائري
طريق الإسكندرية الصحراوي
طريق الفيوم
طريق الواحات
طريق المنصورية
شارعا الهرم وفيصل
أتوبيسات النقل العام تربط القاهرة الكبرى بالمتحف
توفر هيئة النقل العام شبكة واسعة من الأتوبيسات التي تمر بموقف الرماية وتربط المتحف المصري الكبير بمناطق عدة، ويمكن ركوب الأتوبيسات من:
ميدان رمسيس
موقف شبرا الخيمة (المؤسسة)
ميدان الجيزة
موقف عبد المنعم رياض (التحرير)
موقف السلام بالقاهرة
ميدان الحصري بمدينة السادس من أكتوبر
تُعد هذه الخطوط وسيلة مريحة واقتصادية للوصول إلى المتحف، خاصةً للزائرين من داخل العاصمة والمناطق المجاورة.
الوصول باستخدام سيارات السيرفيس والمواصلات العامة
يمكن كذلك استقلال سيارات الميكروباص المتجهة إلى ميدان الرماية من العديد من المواقف الرئيسية داخل القاهرة الكبرى، مثل رمسيس، المنيب، فيصل، الجيزة، والعتبة، حيث تمر أغلب خطوط النقل بين محافظات الوجه القبلي وموقفي الرماية والمنيب، ما يجعل الوصول إلى المتحف سهلًا لجميع الزوار من مختلف المحافظات.
الوصول إلى المتحف المصري الكبير عبر المترو
حتى قبل تشغيل محطة المتحف الجديد، يمكن استخدام مترو الأنفاق للوصول إلى أقرب النقاط ثم استكمال الرحلة بسيارة أو وسيلة نقل قصيرة إلى المتحف.
دعوات استعادة الآثار.. رسالة المتحف إلى العالم
يُتوقع أن يجذب المتحف الضخم، الذي نُفذ بميزانية قدرها 1.2 مليار دولار، ما يصل إلى 8 ملايين زائر سنويًا، مما يعطي دفعة قوية للسياحة والاقتصاد المصري.
لكن المتحف لم يكن مجرد عرض للآثار، بل كان منبرًا لتجديد المطالبة باستعادة الآثار المصرية الرئيسية الموجودة في بلدان أخرى.
وقد أكد علماء آثار مصريون بارزون، على رأسهم وزير السياحة والآثار السابق زاهي حواس، أن المتحف المصري الكبير يثبت قدرة المصريين على التنقيب والحفظ وإدارة المتاحف بمستوى يضاهي العلماء الأجانب.
فخر وطني وتاريخ مستمر
إن قصة المتحف المصري الكبير هي قصة إصرار استمرت لأكثر من عشرين عامًا، حيث اصطدم المشروع بأزمات مالية، واضطرابات سياسية، وجائحة عالمية.
لكنه نجح في النهاية ليصبح مركزًا للأبحاث الأكاديمية ومركزًا عالميًا للترميم.
وكما قال الدكتور طارق توفيق: “إلى جانب التاريخ المصري القديم، فإننا نعرض أيضًا مصر الحديثة، لأن مصر هي التي قامت ببناء هذا المتحف”.
بهذا الافتتاح، لا تكتفي مصر بعرض كنوز توت عنخ آمون المكتملة، بل تعلن عن بداية عصر جديد للسياحة الثقافية، مؤكدة مكانتها كجسر حضاري بين شعوب العالم.