هل يمكن للعقيدة المسيحية أن تتغير؟
تقابلت مع أستاذ لاهوت ليبرالى تحررى يجاهر بضرورة تحديث العقيدة المسيحية استبدال العقائد القديمة بعقائد مودرن لتلائم العصرسألته: هل العقيدة المسيحية تتغير؟
فأجابنى: أيوه تتغير
فسألته مرة ثانية: هل الثالوث الأقدس وتجسد الكلمة والفداء، عقائد تتغير؟
فاحتد وارتفع صوته قائلاً: قلت لك أيوه تتغير. أنت مش عايش العولمة؟
فأجبته: أنا عايش العولمة، لكن لا أستقى إيمانى وعقيدتى المسيحية من العولمة، ولكن من إعلان الله الكامل فى الكتاب المقدس..ومضيت من أمامه حزينًا عليه
إن من ينادى بتغيير ثوابت العقيدة المسيحية، وإعادة النظر فيها، ذلك بدعوى محاربة الأصولية، أو الدعوة لحرية الرأى، أو مجاراة العولمة، أو أعمال الحداثة، أو الدعوة للتنوير الذى جعل العقل يحل محل الإعلان الإلهى، أو تطويع العقائد اللاهوتية المستحدثة لتكون ملائمة لظروفنا المعاصرة.. وإلى غير ذلك
ولكن أغرب هذه الدعاوى والحجج هو القول بأن مصطلح الإصلاح الإنجيلى (Reform) يعنى (إعادة التكوين)، وهو دليل قاطع عندهم أن العقيدة المسيحية ليست ثابتة جامدة بل هى ديناميكيّة متحركة، قابلة للتطوير والتحديث والتغيير، وتجاهلوا أن الغرض من الإصلاح الإنجيلى ليس هو (إعادة التكوين) فى حد ذاته، بل هو (إعادة التكوين ليكون الفكر الإنجيلى مطابقًا للنموذج الأصلى) وقد سمى بالإصلاح الإنجيلى، لأنه إعادة التكوين ليكون مطابقًا للإنجيل لا مغايرًا له ومختلفًا عنه
وأذكر لذلك مثلاً: إن كان هناك تمثال للسيد المسيح حاملاً الصليب، وأصيب هذا التمثال بالعطب أثناء الحرب، فهل إصلاحه يعنى أن نعيد تكوينه بأن نصهره ونشكل منه تمثالاً للمسيح حاملاً مدفعًا رشاشًا، أم نعيد تكوينه بأن نصلح ما أصابه من تلف، ليعود إلى شكله الأصلى، وكما أراد الفنان الذى شكلّه أن يكون؟
إن الدعوة إلى تحديث العقيدة المسيحية، التي يتبناها اللاهوت الليبرالى التحررى هى فى منتهى الخطورة، فإنه كما خرجت من عباءة سيد قطب كل الجماعات الإرهابية فى العالم، كذلك خرجت من عباءة تحديث العقيدة كل أنواع اللاهوت المنحرف الهدّام، مثل اللاهوت الأنثوى، الذى جعل من الله (أبانا وأمنا) فى الصلاة الربانية، وأنثى بعض الأسماء التى وردت فى الكتاب المقدس، ولاهوت التحرير الذى ينادى باستخدام العنف لأنه خلط المبادئ المسيحية بالمبادئ الماركسيّة، كما أنه أنكر العقائد المسيحية، ولاهوت المحبة الحر القائل بأن الله فى محبته هو حر أن يخلص غير المسيحيين بغير طريق الخلاص المسيحى، الذى هو فداء المسيح، ولاهوت الإنجيل الاجتماعى، الذى رفض عقيدة التجسد وموت المسيح الكفارى وقيامته وصعوده لأن هذه العقائد تمثل (إنجيل الخلاص) الذى هو أساطير فى نظرهم، هذا عدا حركات (توحيد الأديان) في ديانة عالمية جديدة والتى تريدنا التخلى عن أساسيات العقيدة المسيحية لتكون المسيحية ملائمة لتوحيدها مع غيرها من الأديان. وقد قام (هانس كونج) اللاهوتى الليبرالى التحررى الألمانى بمحاولة لتوحيد الأديان فى كتابه مشروع الأخلاق الشمولية
ويوجد من يهوّن من أمر العقيدة ويهمشها بحجة أن المسيحية ليست (عقيدة ) بل (حياة)… وتناسوا أن حياة التقوى المسيحية أساسـها العقيدة كقول الكتاب المقدس “عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد” 1تيمو16:3، كما أن اختبار الخلاص لا يقوم إلا على عقيدة موت المسيح وقيامته: “لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع المسيح وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت” رو9:10
إن الكتاب المقدس يحذرنا من تغيير ثوابت العقيدة والمطلق فقال: “إن كان أحد يبشركم بغير ما قبلتم فليكن أناثيما محرومًا” غلا1 :6-9
وأنت أيها القارئ الحبيب، احذر من المهادنة اللاهوتية، والتسيّب العقيدى، “بل احفظ الوديعة، معرضًا عن الكلام الباطل الدنس، ومخالفات العلم الكاذب الاسم، الذى إذا تظاهر به قوم زاغوا من جهة الإيمان. النعمة معك. آمين” 1تيمو6 :20- 22
أنور يسّى منصور